الأربعاء، 26 يناير 2011


ملتقى الإبداع

اقام ملتقى الغد للثقافة والإبداع بالتعاون مع معهد اروي التجاري والتقني بمدينة حجة فعالية الملتقى الثالث للإبداع وقد خصصت فعالية الملتقى لهذا الشهر يناير للقصة القصيرة ،حيث و أحيى الفعالية ا لقصصية مجموعة من القاصين والقاصات الشباب .
وافتتح الملتقى بآيات من الذكر الحكيم تلتها الأستاذة حنان المسعودي  وافتتح باكورة الملتقى القاص المبدع حسن المختار بقراءة بعض من إبداعاته القصصية التي نالت استحسان الحضور وتخلل ذلك قراءة نقدية للتجربة القصصية للمبدع حسن المختار ألقتها أستاذة الأدب الحديث بكلية التربية بحجة د/ خديجة المغنج كشفت من خلالها عن الجوانب الإبداعية للمختار .
وقامت المبدعة حورية العابد بقراءة بعض من إبداعاتها القصصية التي خلبت بقدراتها التصويرية الباب السامعين ،وقد تخلل ذلك قراءة نقدية للتجربة القصصية للمبدعة حورية العابد ألقاها الأستاذ عادل شلي كشف من خلال قراءته لقصة هكذا كان القدر عن الجوانب الفنية والإبداعية للتجربة القصصية للقاصة حورية العابد .
وقرأت المبدعة نسيم الشرفي بعض من إبداعاتها القصصية التي نالت الاستحسان وقامت الدكتورة خديجة المغنج بقراءة نقدية للتجربة الإبداعية للقاصة كشفت عن جوانب الإبداع فيها .
وقرأت المبدعة لارا العليي بعض من ابداعاتها القصصية التي نالت استحسان الحاضرين وقدم الاستاذ عادل شلي قراءة نقدية لقصة رائحة الخبز للقاصة لارا العليي كشف من خلالها الجوانب الفنية والابداعية التي تتميز بها القاصة لارا العليي
وقرأ القاص المبدع عبد الكريم لطف الله بعض من ابداعاته القصصية التي خلبت الباب السامعين بوضوح فكرتها وجمال وصفها وروعة حبكتها ،وقد قدم الاستاذ عادل شلي من خلال قراءته النقدية  بالكشف عن مكامن القوة والضعف في تجربة المبدع عبد الكريم لطف الله .
والقي القاص المبدع مراد شلي على الحضور  بعض من إبداعاته القصصية نالت استحسان الحاضرين .
وقد تخلل اللقاء بعض المشاركات الشعرية للشاعرين المبدعين علي وهبان وعبد الجليل اليوسي .
وقد حضر اللقاء وكيلا المحافظة الاستاذ/ اسماعيل مهيم ـ الذي القى كلمة السلطة المحلية ـ والشيخ فهد مفتاح دهشوش ،والأمين العام للمجلس المحلي الأستاذ أمين القدمي ،وعدد من مدراء العموم والمثقفين والمبدعين والمهتمين وأدار فعاليات الملتقى الشاعر والأديب عبد الرحمن مراد .
   منصور ابوعلي  معهد اروي التقني ـ مدينة حجة





الأحد، 23 يناير 2011



صعده من روائع الأدب العالمي
  بقلم /محمد علي عناش
ِ
 الحُرُوبُ بكل أشكالها وألوانها عدميةٌ لا معنى لها سوى تأكيد حالة التوخي والقلق المسيطرة على ذوات جميع الأطراف المتحاربة، حالة خوف وبدائية لا زالت كامنةً ومتجذرة في روح الإنسان المحارب أو المتمرد العدواني، منذ الطفولة البشرية حتى يومنا هذا، تجعل من القتل ممارسة ممتعة ولذيذة، ومن الإستئصال بطولة وشرفاً، وتتم شرعنة هذه اللذة وهذا شرف بطرق وطقوس وفلسفات شتى، شعراً ومسرحاً ومقامات حتى بالصلاة والدعاء، وبالتعبير الجسدي وقرع الطبول التي تمثل عبر التأريخ كرمزية لوعي الحرب والغلبة، وتهيئة المحارب نفسياً ووجدانياً وحسدياً لممارسة العُنف والقتل اللذيذ والإستئصال المشرف.
كم أُزهقت أرواح، وأبيدت مجتمعات، ودمرت مدن وحواضر، تحت قرع الطبول، أو في لحظة نشوة من كأس معتق أو تحت راية جهاد موهوم، وأفظعها الإنتصار لنيتشه وفلسفته بخصوص الأرقى الأرقى.
قديماً قرر الأسكندر المقدوني في لحظات من جُنون العظمة »أن يوحد العالم أو يقيم الأمبراطورية العالمية على أجساد وجماجم جنونه العظيم، لكنه لم يكن يدرك أن نهايته ستكون بطعنة غادرة من أقرب المقربين إليه، فكانت آخر جملة ينطقها وهو في حالة إندهاش شديد »أنت يا أنطينوس« في موقف يجسد ذروة وعي الحيلة والتربص والقتل منذ إعلائه كقيمة في الوعي الروماني، ونيرون جلس مزهواً يحتسي الجعة متلذذاً ومنتشياً بمنظر روما وهي تدمر وتحترق، مشهَـدٌ عبثي وحالة كره للحياة بخلفية بربرية، أما زياد بن أبيه ومعه عبدالله بن سعد بن أبي وقاص فقد مارسا هذه المتعة بطريقة عربية صرفة، القتل مع التهليل بـ»الله أكبر«، حيث لم يكتفيا بقتل الحسين عليه السلام وإبادة سبعين رجلاً وشاباً وطفلاً من أقربائه وشيعته، بل واجتزا أيضاً رأسه ورأس شقيقه العباس عليهم السلام، وحملاهما على أسنة الرماح من كربلاء حتى بغداد وقصر خليفة المسلمين يزيد بن معاوية الذي يُعتبَـرُ عملياً أول ملحد في التأريخ الإسلامي.
كم هو التأريخ بهذا الشكل غرائبي وفجائعي، فإذا قلبنا صفحات تأريخ الشعوب، وبحثنا في تراثها وموروثها وطقوسها وفلسفاتها بل وذاكرتها الشعبية، نجد حضوراً قوياً لنشوة الحرب ولذة القتل، وكأنه المحرك الرئيسي للتأريخ، أو كما قال الروائي والفيلسوف البيركامي: »يعتبر تأريخ الشعوب بوجه ما مجموعة تمرداتهم المتتالية«، وأن »الذهن المشبع بفكرة العبث يقر دون شك بالقتل قضاءً وقدراً«.
كثيرٌ من الشعوب والأوروبية بالذات تجاوزت هذه الحالة من القلق المدمر والبداوة الشرهة للقتل عندما آمنت بالتعايش والشراكة وخيار العلم والتنمية والديمقراطية، وأعلت من قيم الحرية والمدنية وقيمت تأريخها وثقافتها.. فلم يعد الإسكندر »يولوس قيصر« مثار فخر واعتزاز تأريخي، بل أضحوكة ومثار سخرية، وهتلر لم يعد بطلاً قومياً للألمان، بل نازي ومن مساوئ التأريخ، بل ووصل الأمر لدى بعض هذه الشعوب أن قدمت إعتذارَها للشعوب التي إحتلتها واستعمرتها..
فقط نحن الشرق الإستبدادي.. شرق الإنقلابات والصراعات والإبادات والمجاعات والإرهاب لا زالت تسكننا روح العنف، ويتحكم فينا وعي الحرب، وهاجس الخوف، لذا نعيش في حالة تأهب على المستوى الرسمي والشعبي، رسمياً تنفق الأنظمة »60٪« من موازنات بلدانها في مجال الأمن والدفاع والسلاح لمواجهة الشعوب بصفتهم مخربين وطامحين، وشعوب مهووسة بشراء قطع السلاح وتخزينها لمواجهة مجهول من الأعداء والمتربصين حسب تصنيف الوعي الصراعي والحربي لدى الأفراد.
محمد سياد بري أمسَكَ بالسلطة في الصومال بانقلاب على منقلبين، وكشرقي لا يؤمن بالتعايش والشراكة أنشأ نظاماً عسكرياً ودولة بوليسية وحكم الشعب بالحديد والنار والتصفيات، وفي النهاية هرب مطروداً ومهزوماً تاركاً وراءه أطلالَ دولة، لكن رحل الديكتاتور وحضر الفرقاء لا ليتعايشوا، بل ليتحاربوا ويمارسوا هوسَ الإستئصال ولا يزال، وفي هذه الحالة ليس بوسعنا أن نفاضل بين دولة الديكتاتور، ولا دولة الفرقاء والمتناحرين، فالجميعُ قتلة، وهو الشيءُ نفسُه ما يحدُثُ في العراق وأفغانستان وباكستان من قتل رخيص للإنسانية.
أما ما قامت به دولة إسرائيل الدموية من حرب إبادة إستئصالية بحق أبناء غزة في العام الماضي فيستدعي الضمير العالمي أن يتحركَ لمحاكمة مجرمي هذه الحرب، ليس من أجل حماس التي قد نختلفُ معها كثيراً، بل من أجل طفولة ذُبحت بوحشية وبربرية لم نشهد مثلها في التأريخ، ومن أجل ترسيخ شعور وثقة جديدة بعدالة إنسانية يجب أن تتحققََ في هذه القضية تؤسسُ لسلام حقيقي في المنطقة، بل وفي العالم أجمع تكون نقطة بداية لحوار إنساني عادل..
ويقول الروائي العالمي »البيركامي« في كتابه »الإنسان المتمرد« إن التمرد لا ينشأ فقط بالضرورة لدى المضطهد، بل قد ينشأ أيضاً لدى مشاهدة الإضطهاد الذي يتعرض له شخص آخر«.
إن تأسيسَ سلام عالمي يتطلبُ الإعزاء من ثقافة السلام عبر مستويات متعددة ومنهجية، أن نجعل من »غاندي« رمزاً عالمياً للسلم واللاعنف، واستحضار مبادئه وقيمه في ثقافات كـُــلّ الشعوب، وأن ننصب له تذكاراً في كـُــلّ مدينة وعاصمة يتطلب إجراء إدانات واسعة للحروب والعنف والتطرف، إسرائيل وبربريتها، أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة، ثقافة التطرف والإرهاب التي تجسده بصورة عدمية حركة طالبان، إدانة المناهج التعليمية المشبعة بثقافة التكفير والإقصاء التي تمثله الوهابية، وتنشره كثقافة صراعية منتجة للتطرف بطرق منهجية، عابرة للقارات.. إدانة الأنظمة المستبدة وإرغامها على الإصلاحات الشاملة، واحترام الحقوق والحريات، وقبل كـُــلّ ذلك ضرورة قيام الدول التي إحتلت واستعمرت شعوباً أخرى بتقديم إعتذاراتها لهذه الشعوب، ومد يد العون لتنميتها وَمساعدتها على ترسيخ الممارسات الديمقراطية كأداة للتغيير السلمي، وإشاعة ثقافة السلم والمدنية..
في الأخير لا بد أن نشيرَ إلى أن الحروبَ وأعمالَ العنف تترك آثاراً وجراحات لن تنمحيَ أو تجف بسرعة؛ لأن وقعَها عميقٌ بكل المقاييس، وستظل محفورة في ذاكرة الأجيال يُعبَّــــرُ عنها بطرق شتى، تتوحد في إدانة الحرب والعنف غير أن أبلغ إدانة للعنف والدمار والحلول الدموية هو ما يعبر عنه الكثير من الشعراء والروائيين والتشكيليين من الذين عاشوا أجواء هكذا ظروف، فهم الأقدر على ترجمة المأساة التي تحدثها ثقافة التقاتل والعبث والعدمية باستنتاجات أدبية ذات قيمة عالمية وتأريخية، تحمل في مضمونها موقفاً إنسانياً نبيلاً مناهضاً للحروب، خاصة عندما تغيب المواقف السياسية، وتصير الأحزاب جزءاً لا يتجزأ في إنتاج هكذا ظروف وتداعيات، كما تحمل ثراءً وعمقاً إنسانياً، ودعوة كونية للتسامح والحوار وخيار المدنية، وإدانات عميقة للحروب والإستبداد والتطرف التي تخلف وراءها دائماً دماراً ومشردين وأيتاماً وأرامل ونازحين ومعاقين.
رواية »الحديقة الصخرية« وكذا رواية »الإخوة.. الأعداء« للروائي اليوناني الشهير »كازنتزاكيس« من الروايات العالمية الشهيرة التي حازت على كثير من الجوائز العالمية، فهذا الروائي عاصَرَ الحربين العالمية الأولى والثانية وكذا الحرب الأهلية اليونانية، فجاءت رواياته متأثرةً بهذه الأجواء عميقة التعبير عن فظاعة الحروب وقذارتها وعدم شرعيتها، تدين بشكل مؤثر كـُــلّ المحاربين والعدميين أعداء الحياة، كما أدان الكنسية التي أقحمت أقحمت نفسها في الحروب والنزاعات في روايته »مسيح يصلب« عد كزنتزاكيس من كبار دعاة السلام وكانت تربطه علاقة صداقة وحميمية مع غاندي داعية اللاعنف.
لا يوجد بلد في العالم عرف وجرّب خلال أربعين سنة كـُــلّ الأنظمة السياسية التي يمكن تخيلها كأفغانستان أنظمة لا تخطر على البال، دفعت بوطني إلى شفير الهاوية، هذا ما قاله في إحدى مقابلته الصحفية الروائي الأفغانستاني »عتيق رحيمي« المتواجد حالياً في فرنسا فرواياته تحمل وبمدلول خاص إدانة صارخة للحرب والعُنف والتطرف، هذه الثلاثية التي دمرت أفغانستان، ولذا يرفض وبشدة أن يقال عنها قضاءً وقدراً، أما الجانب التراجيدي الأعمق في معظم رواياته فتحمل رثاءً عميقاً جداً لوطنه الذي يصفه بالمجنون، واشتياقه اللامتناهي لكابول السبعينيات التي كانت قد قطعت شوطاً لا بأس به في اتجاه المدنية والتنمية والثقافة واحترام الحريات قبل أن يتأسلم فيها كـُــلّ شيء بوعي الدبابة والكلاشينكوف، وقبل أن تنصب فيها مشانق حكمتيار وطالبان وقبل أن يدمنُ الأفغان اللحى وقطع الرؤوس والمخدرات في آن واحد، يتجلى هذا الحنين والفقدان والرثاء في رواية »أرض ورماد« ورواية »حجر الصبر« التي حازت على كثير من الجوائز العالمية.
حروبُ صعدة فيها من المأساوية والتراجيدية والعدمية وطغيان هوية القتل ما يستحق أن يعبر عنه كمشهد من مشاهد العبث الإنساني في هذا المكان من العالم، لكن هل سيتحفنا العقد القادم أو الذي يليه برواية جادة، أكيد فأجواء وظروف حروب صعدة ومشاهدها المأساوية من النوع التي تفتح الذهن والمدارك وتنمي الشعور الإنساني والآدمي، وتحفز على الإبداع، وأنا من هنا أبشر برواية أو أكثر، ربما يكون عنوانها »صعدة« أو »بُستان يحترق« يكتبها أحد الصعداويين ممن عايشوا هذه الحروب في طفولتهم وستكون من روائع الأدب العالمي الذي يراكم ثقافة السلم وينمي الإنسانية الحقة التي نزفت كثيراً في سهول ووديان وجبال صعدة، دونما ضمير يتحرك، أو موقف نبيل يخلده الوجدان الصعداوي.
أخيراً.. لا عزاءَ للمشترك الذي يصمُتُ متى يشاءُ، ويتكلمُ متى يشاءُ؛ لأن التأريخَ سيتكلمُ ويتكلمُ بلغة أرقى وأسمى من لـُـغة السياسة المخجلة جداً..
< محمد علي علي عناش


العقل العربي ..خارج العصر..داخل الخرافة


                    العقل العربي ..خارج العصر..داخل الخرافة
                                                       بقلم/ محمد علي عناش
منذ حوالي القرن وبالتحديد منذ الأفغاني والطهطاوي ومن ثم محمد عبده وسلامه موسى,وطه حسين, أخذ العقل العربي يتساءل,لماذا يتقدم الغرب ويتخلف العرب والمسلمون,خاصة من بعد          عودة الأزهريين   من بلاد الأنوار أسماها  الطهطاوي بلاد العلم والجن والملائكة ,وبدأ يطرح مسألة الأصالة والمعاصرة,ويطرح مسألة الحداثة ويدعو لها ,لكنه في نفس الوقت يظل ينقدها حتى يجهز عليها تماما .
الإمام محمد عبده الذي   كان يعتبر واحدا من أهم دعاة الإصلاح الديني  انتهى به الوعي باللحظة   التاريخية إلى القناعة بأنه لا حل ولا مخرج  لهذه الأمة إلا بمستبد عادل ,كتعبير عن وعي المؤسسة الدينية بالحداثة وموقفها منها, الذي هو موقفها من الغرب الذي يتعارض تماما مع الشرق في بنية هذا الوعي الذي يتمثل في وعي الشيخ , حسب تقييم المفكر المغربي عبدا لله العروي  للمشهد  الفكري المعاصر في تلك الفترة التي هيمن عليها  ثلاثة رجال الشيخ+رجل السياسة+ داعية التقنية .                                                                                        لذا كان من الطبيعي أ ن تتعارض وتتناقض دعوة الإمام محمد عبده إلى مستبد عادل ,مع دعوة رجل  السياسة وداعية التقنية , اللذين كانا يناديان   بالحرية والديمقراطية والتنظيم السياسي وا لانفتاح كاتجاه ليبرالي  حداثي  لم يكن واضح المعالم أو المنهج الذي ينبع من بنية المجتمع , وإنما محاولة تمثل النموذج  والمثال في الغرب  , مع ذلك يعتبر بداية جادة لتأصيل وعي حداثي  ومشروع مدني ,حتما كان سينضج  مع الخبرة والتراكم بأبعاد ومعطيات المجتمع العربي .مثل هذا الإتجاه لطفي السيد وسلامه موسى ومن ثم عميد الأدب العربي طه حسين. إن الصدمة الحضارية التي مني بها العقل العربي كانت قوية ,ولدت لديه حالة من الخوف والتحسر وكذا التبرير أيضا ,فأخذ يبحث ويقلب في التراث ,عن الإشكالية وعن الحلول ,ليجد ذاته أولا وكيف يمكن مواجهة عجزه المعاصر...يحاول جاهدا أن يشعل شمعة  سرعان ماتنطفىء ,ويتوهم حينا أنه اكتشف ذاته وإخفاقه المعاصر في منطقة مضيئة في التاريخ ,إنطلاقا من ومضات ومعطيات عقلية وروحية معينة ,فيبدأ يؤسس انطلاقا منها, مشروعه المعاصر, لكن خيبته تتجلى حين يكتشف أنه تورط في معطيات كانت نتاج عوامل عديدة في الزمان والمكان, لانتاج منهج كامل وأدوات تؤسس لصيرورة تحمل في داخلها إمكانية تطورها المستمر.
 وقسم آخر من تشظيات الوعي العربي والإسلامي,إنغمس في الماضي وتحديدا في القرون الأولى جاعلا منها النموذج والمثال للحاضر والمستقبل...                     
 كان لنكسة 1967 وقع عميق على الوجدان والوعي العربي, حفز الكثيرين من النخب العربية للقيام بعملية مراجعة وإنجاز دراسات تحليلية ونقدية, وتقديم إجابات معرفية أكثر وعيا ومنهجية ,ليس فقط بأسباب النكسة في الميدان العسكري , بل  بجذور النكسة  في الوعي والثقافة والتاريخ والإدارة. تجلى ذلك  في الدراسات والمشاريع الفكرية التي أنجزها المفكرون العرب المغاربة: محمد عابد الجابري,  عبد الله العروي, طيب تيزيني  التي تعتبر أهم  مشاريع نقدية ناقشت الإشكال بأبعاد ومناهج مختلفة, غير أنها متوحدة في حصر الإشكال  النهضوي  والحداثي العربي في الوعي السلفي السائد, والحاكم العربي المستبد .  إن الذي دفع النخب العربية أن يتجهوا للبحث عن الإشكال وفتح أفق لثقافة معاصرة ومشروع عربي  حداثي خاصة مع تسارع المنجز الحضاري الغربي,وإتساع الفجوة المعرفية والعلمية بين الأنا العربية والآخر الغرب,هو التخفيف من وطأة الصدمة  والإغتراب  الفكري  والعلمي , وكذا الشعور الجمعي بالعيش خارج الحياة وخارج التاريخ, باستثناء   الماضويين السلفيين ,  الذين اختصروا المسألة بالبقاء في مربعات معينة في الماضي , والإستماتة  تجاه أي محاولة مساس أو مراجعة للتـراث , فلم يشعروا بهذا المأزق وهذه الحلة الاغترابية , أو كما قال المفكر الجابري "دون الشعور بأي
اغتراب أو نفي  في الماضي .
التيار الديني الراديكالي " السلفي" وقطاعات كبيرة من تيار  الإسلام السياسي, وجدوا في   الماضي والنصوص الجاهزة , ملاذا آمنا, وإجابات قطعية غير القابلة للمناقشة   التآويل  والإسقاط العقلي والحياتي للنص, كأحد  التابوات التي يواجهها الفكر العربي المعاصر, وكإمتداد  للموقف السلفي التاريخي من العقل والعقلانية والحرية الفكرية, منذ أن تم إغلاق  باب الاجتهاد في زمن الخليفة العباسي المتوكل الذي دشن بشكل عملي ومنهجي بداية محنة العقل العربي والإسلامي حتى اليوم .
فلا يزال العقل العربي يتعرض لمحنة حقيقية من قبل الوعي السلفي المتطرف, الذي  لا نستطيع أن نحدده بجماعة معينة فقط, لأنه نمط من التفكير بأنساق  و تراتبية  معينة تتوحد في رفض الحداثة وإعاقة العقل عن ممارسة نشاطه البحثي عن الحقيقة .
 السلفي, لا يمتلك مشروعا إنمائيا للواقع, بموجبه يتحقق الأمن المعيشي , الذي يتوازى بالضرورة مع الأمن و السلم الاجتماعي , بل يمتلك وعيا   إقصا ئيا وإلغائيا للآخر المختلف بطرق مختلفة , تبدأ بالتكفير و التفسيق و إقامة الحسبة , و قد لا تنتهي بالتفريق بين الزوجين .
كما أن الزمن في وعي السلفي جامد لا يتحرك و لا يأبه بالمنجز و التطور العلمي الذي هو نتاج العقل و المعرفة, فالحاضر و المستقبل ملحقان بزمن السلف و القرون الأولى, بما يؤكد أن هذا النمط  من التفكير يحمل في اللاشعور موقفا مناهضا للعلم و الحرية و الديمقراطية , التي تعتبر من أهم أدوات و تأكيدات حركة الزمن و تطور الإنسان  الإيجابي  و التعايش السلمي .
لذا يصر السلفيون المعاصرون على محاصرة العقل  العربي بسياج نصي و قانوني , و العودة بالمجتمع إلى الماضي,باعتبار أ، الحياة فانية , و أن الحاضر أصبح يحكم بما لم يأمر به  الله  لماذا؟؟
لشعورهم أن حجتهم المعاصرة أصبحت تتصادم مع المتغيرات الحياتية , و أن قدرتهم على استشراف المستقبل ضعيفة جدا, و لمواجهة مرحلة حضارية حققها الغرب , قائم التقنية و الميكنة و التنظيم المؤسسي و المدني لبني البشر , لإرساء مفهوم حقيقي و أطر سليمة للتعايش و السلم و الشراكة , و علي قاعدة الحق و المسؤولية و الحرية و العمل ..                                        فالمرحلة الراهنة كانت قد أنجزت على صعيد الفكر و الفلسفة و الأدب, التي أصلت في الوعي الغربي مفهوم الدولة و الحق و القيمة و الجمال, ثم تحققت بخلق الأدوات و منهجية الفعل الحضاري و القطيعة لا  الانسلاخ مع و من الماضي, و تجاوز الدائرة الميتافيزيقية في بنية العقل الغربي .. فكان الغرب أكثر استفادة من فلسفة ماركس المتعلقة بجدلية التطور التاريخي و  الاجتماعي , التي ترى بأن تطور أدوات الإنتاج سيتبعه  تطور في علاقات الإنتاج فكر-ثقافة- فن -  سياسة  هذه الجدلية التي تعتبرالمحركة للتاريخ , و تثري الوعي بالوجود ..و هي كذلك بالنسبة للغرب , انطلاقا من تنمية قدرات الأفراد, و تعزيز الحريات, وفصل الدين عن الدولة و السياسة و العلم , و هي المسألة  الجوهرية في المنجز الحضاري و السلم  الاجتماعي, و المسألة التي لم يستوعبها العقل العربي التقليدي حتى اليوم , و لذا يعتبرها  من المناطق المحرمة و المجرم اقتحامها و التعاطي فيها (تابو) كترجمة عملية لشعار الإسلام مصحف و سيف ...
 إن تكييف الواقع و الحياة من داخل بنية النص , و وعي الشيخ, دون إعمال للعقل و الوعي بأسباب و ظروف التنزيل, و من قاعدة أن المنفعة أولى, تعطيل للحياة و خروج من العصر, و أسر للعقل, و قمع للحرية,  وتموضع في مربعات التعصب و الصراعات, و المحاكمات على أسس  طائفية و مذهبية و قبلية, و اجترار للماضي الذي يرونه مقدسا, ليجعلوه في مواجهة الحاضر  الطاغوتي و الكفري ..     ما هي النتيجة ؟؟                                                       من كراتشي  حتى نواكشوط , خارطة ملتهبة و متخمة بالصراعات و العذابات, جغرافيا قاحلة ينمو فيها وعي الأحزمة الناسفة , لا وعي الحياة و السلام و التنمية  . مساحة وعي لم يدرك بعد شرطه الوجودي, يصر أن يعيش خارج العصر و داخل الخرافة , يتمتع بالاستبداد و جلد الذات يوميا, دون  أن يلتمس السر و يقترب من الحقيقة, و يتحرر من وجدانه القامع و المقموع.        

بناء الدولة الرهان الأول للحفاظ على الوحدة والسلم الاجتماعي




بناء الدولة الرهان الأول للحفاظ على  الوحدة والسلم الاجتماعي

                                                                            بقلم / محمد على عناش

> تتصاعَدُ بين الحين والآخر وتيرةُ الإحتجاجات في عدد من المحافظات الجنوبية، ولا يزالُ الوضعُ في محافظة صعدةَ متأزما وتخيم علىها أجواءُ الحرب، ويتصاعَدُ مع الأحداث التعاطي الذي يفتقرُ للرؤية والمنطق، ومع هذه الحمى تظهر على السطح دعوات على مستوى السهل والجبل والصحراء لمشاريع لا زالت في طورها الجنيني.. إنه طور التعبئة النفسية والشحن العاطفي، يقابلُ ذلك حدَّةُ الإستنفار الأمني والإعلامي لسلطة جعلت البلادَ تعيشُ أجواءَ حالة الطوارئ غير المعلنة.
إن ما يحدُثُ عبارةٌ عن مشهد في مسرح هواننا وعُقمنا اليمني، تحضر فيه لغاتٌ شتى باستثناء لغة الحوار والعقل والضمير الوطني، مشهد تحضر فيه كـُــلُّ المتناقضات من فسيفساء وعينا المأزوم وذاكرتنا المثقوبة وإرادتنا البراغماتية، لا لحل الأزمة الوطنية بل لتجذيرها ومراكمتها، بدءاً من السلطة وطابورها القبَلي والمافوي، وأمراء الجهاد، وبقايا اليسار الترويتسكي، وَإنتهاءً بالجيش الشعبي السلفي الحالم بخلافة إسلامية إمامُها من قريش، وأجزم أن الجميعَ يعملون بطريقة ما ضد الوطن، وضد الوحدة، لسبب جوهري أن الجميعَ ليسوا حاملين لمشروع الدولة كمشروع يحملُ في فضاءاته المتعددة مشروعَ النهضة والسلم الإجتماعي، ولذا فالجميعُ لا يُريدون لهذه الأزمة أن تحل وتنفرجَ، بالفعل هو مشهدٌ مثير ومدهش، يعكس للعالم أجمع حالة التردي التي نعيشها على جميع المستويات، حالة غياب المشروع الوطني بكل تفاصيله، وغياب الإرادة الوطنية والوعي الذي يتجلى في صور برامجية وخطط وحلول دقيقة للأزمة، ليحضر في النهاية الوعي المتشظي والأفق المتموضع من نوع جنوب الصومال، ووسط الصومال وشمالها، والنظام ليس بريئاً من الوصول بالأمور إلى هكذا مستوى، وهكذا ثقافة، بل هو المتهم الأول؛ لأنه أدار البلاد طوال ثلاثة عقود بلا مشروع وطني ولا دولة مؤسسات وعدل وقانون، وإنما بمشروع الإرضاءات ودولة القبيلة والمنطقة، مثلما هو المتهم الأول في استيطان الأمية الأبجدية بنسبة »٤٧٪« في محافظات بعينها نموذجها الكارثي محافظة حجة التي يصل عدد سكانها إلى مليون وسبعمائة ألف نسمة، والأغرب أنه مستعد أن يضحّي بالملايين من أجل الوَحدة والسلم الإجتماعي دون أن يستشعرَ أن الفسادَ وغياب دولة القانون والأمية تعتبر أهم التحديات التي تواجه الوَحدة والسلم الإجتماعي.
ولذا فأسوأُ الأنظمة هي التي لم ترسخ مشروعَ الدولة الديمقراطية الحديثة كهدف إستراتيجي للتنمية التي تقومُ على أسس وخطط برامجية متكاملة والتي تجهِّلُ مواطنيها كي تدعم أكثر عوامل بقائها، ولا يماثل هذه الأنظمة من السوء إلاَّ حراك سياسي واجتماعي لا يكون حاملاً لمشروع التغيير والبناء والتحولات، فكلٌّ منها سوف يُفضي إلى نتائج مدمرة؛ لأن البُنى المكونة للحالتين بُنى صراعية.
إن حَالةَ غياب المشروع الوطني الذي يمثلُ مشروعَ الثورة والديمقراطية وَالعدالة الإجتماعية غيابٌ مزمنٌ من تأريخنا السياسي لا يدركه ويستوعبه بدقة إلاَّ مَن كان على اطلاع واعٍ بحكاية سقوط أول جمهورية يمنية في ٥ نوفمبر ٧٦٩١م، والإلمام بالتفاصيل الدقيقة لمخطط التآمر على مشروع الدولة اليمنية الحديثة التي وضع لبناتها الأولى ورسم ملامحها المستقبلية شهيدُ الوطن إبراهيم محمد الحَمْدي مَن دفع مبكراً ضريبة التقاطع مع مشروع الشيخ »اللادولة واللانظام« كي يؤسسَ مشروعَ الدولة، وما نتج بعد ذلك من إفرازات وآثار مدمرة على جَميع المستويات، لا زلنا نـُـعاني منها حتى الآن. غيرَ أننا ندركُ أن ذاكرتنا الجمعية مفرغة تماماً من تأريخنا السياسي والإجتماعي والثقافي بكل تفاصيله واتجاهاته إلاَّ من تأريخ وثقافة ذات مضامين أسطورية وخرافية وحربية، الأمر الذي عَطـَّـلَ فينا القدرةَ على التحليل والتقصي والإكتشاف، وعطل فينا الكثيرَ من قيَم الإبداع والحرية، ولذا ندركُ أن الغالبيةَ العُظمى من اليمنيين لا تدركُ ماذا يَدُورُ ولا تستطيعُ تفسيرَ ما يحدث، وبالتالي عدم قدرتها على تحديد مصيرها وإنما تهيج عاطفياً لتبني أهداف وشعارات وتوجهات جاهزة، وإلاَّ كنا قد اسقطنا الفساد وتجار الأزمات والحروب والمزايدين على هذا الوطن منذ أول تجربة إنتخابية عام ٣٩م كفعل وطني دستوري مشروع.
ما يحدث يؤكد أن هناك أزمةً في البلد متعددة الملامح والأبعاد، والبلد ليس بخير كما يروج له طابور طويل من المتعيشين على الأزمات والفوضى في هذا البلد الغرائبي الذي أصبح يمثل طلسماً معقداً للكثيرين يصعب تفكيكه واستيعاب مشاكله من الظاهر.
وأعتقد أن هذا الطلسم ناتج عن التشكل المشوه والنمو غير الطبيعي في جميع الحالات والمستويات وفي مقدمتها الإنسان الذي يجمع في داخله متناقضات عدة جعلت منه بلا هدف، وانسحب ذلك في جميع الإتجاهات بدءاً من تركيبة النظام وتركيبة الحراك وتركيبة المثقف ورجل الدين والسياسي إلى آخر المنظومة التي تحمل بداخلها الشيء ونقيضه حتى صارت خصوصية يمنية تتداعى في الشعور واللاشعور منذ التناقض الأول في نوفمبر ٧٦م.
في الأخير سنضَعُ عدةَ نقاط رئيسية تمثلُ في جوهرها ومضامينها الضمانةَ الأكيدةَ في معالجة أزمة البلد، وحل كافة المشاكل، وبها تعززُ وترسخ قيم الوحدة والديمقراطية والسلم الإجتماعي، ويعزز الولاء الوطني في ثقافتنا وسُلوكنا ومواقفنا، بل وأجزم أنه من خلالها تحدث الثورة الإجتماعية والتحولات السياسية والإقتصادية الكبرى، هذه الحلول والرهانات هي:
١- بناءُ الدولة مؤسسياً وتصفيتها من الشوائب التي أعاقت وتعيقُ بناء الدولة منذ سنوات طويلة.
٢- القضاءُ على الفساد المالي والإداري بكل أشكاله وصوره.
٣- تدعيمُ إستقلال القضاء ونزاهته.
٤- القضاءُ على الأمية مع وضع خصوصية في هذا الجانب كهدف إستراتيجي لمحافظات »صنعاء، عمران، حجة، المحويت، صعدة، مأرب، الجوف«.
إنها رهانات وتحديات يجبُ أن توضعَ على طاولة الحوار الجاد والمسؤول، وأدعو الجميعَ أن يتفاعلوا في هذه المحاور بتقديم آرائهم ومقترحاتهم وتوصيفاتهم وحلولهم العملية الدقيقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ< محمد علي عناش 

التطرف ..مفهومه ..جذوره ..منطلقاته .


 من الظواهر الخطيرة التي ابتليت بها المجتمعات العربية والإسلامية عامة وبلادنا اليمن على وجه الخصوص ظاهرة الإرهاب والتطرف الديني، هذه الظاهرة التي بدأت تأخذ شكلاً خطيراً من التنفيذ والتخطيط، أبرز صورها تنفيذ العمليات الإنتحارية، واستهداف الأطفال للقيام بهذه العمليات.
إن هذه الظاهرة أصبحت تمثل أخطر ظاهرة تستهدف تمزيق المجتمع، وتهديد السلم الإجتماعي، بالإضافة إلى انعكاسها السلبي على الدين الإسلامي، تستهدف أهم مبادئه وقيمه التسامُح والعقلانية والإنفتاح والتفاعل الإيجابي مع مختلف الثقافات والحضارات.
إن ظاهرة العنف الديني التي وصلت إلى حد تنفيذ عمليات إنتحارية يقوم بها أطفال ليست حوادث عارضة يمكن إحتواؤها بسهولة ويُسر، بل هي حوادث إرهابية ترتكز على بُنى إجتماعية وثقافية ونفسية، فيجبُ على الدولة أن تقوم بواجبها لدراسة الظاهرة وتفكيكها والوقوف على أبعادها المتعددة بصورة جدية للوصول إلى رُؤية كاملة لتجفيف منابع الإرهاب، وحماية جيل كامل تعصفُ به الأهواءُ والإستعدادات المختلفة، أما إذا تم التعامل معها بهكذا طريقة وكيفية فسوف يبشر ذلك باتساعها وانتعاشها، خاصة في ظل مؤسسات تعليمية وإعلامية وثقافية متداعية ومناخ معيشي سيء ملائم ومشجع لتمدد هذه الظاهرة، كما أنه من جهة أخرى ليس من مصلحة البلد غض الطرف عن كثير من جوانب الظاهرة، وأن ندع للكثير من الإعتبارات كي تنحرف بأسس وآليات التعامل السليم معها كنهج سلطوي مستمر في تزييف الوعي والحقائق واللعب على جميع الأوراق، ومواجهة القضايا بحلول لحظية ووفقاً للإعتبارات والرغبات على حساب كـُـلّ ما يتعلق بأمن واستقرار ومستقبل هذا الوطن وهذا الشعب.
إن جميع المعطيات والحقائق تؤكد أننا بالفعل أمام تنظيم يمتلك أدوات تنظيمية كبيرة وإمكانيات مادية هائلة تتحرك وتفعّل ضمن أجندة مشروع إقليمي ذي خصائص وسمات »طالبانية« وجد مناخاً وبيئة في اليمن مهيأةً لتحركه ونموه بسُهولة، مُستغلة غيابَ التيار التنويري الحداثوي الذي أصبح شبه مشلول لما أصابه ولحق به من ضربات وإقصاء لصالح التيار الأصولي والقبلي والإنتهازي كقوى تدميرية داخل مؤسسات الحكم وفي موقع صنع القرار، وقوى منتجة للأزمات المتوالية، وهو ما أعاق طوال العقود الماضية مسألة بناء الدولة بناءً حديثاً ومؤسسياً، وأعاق عملية التحول الديمقراطي الطبيعي الذي لا يمكن أن يتم ويحدث دون البدء عملياً في بناء الدولة وإعادة الإعتبار لتيار النهضة والتحديث لكي يرسم ملامح اليمن الجديد.
إن ظاهرة العنف الديني ما هي إلا منتج عملي وفعلي للتطرف والإرهاب الفكري، ولذا أصبح من المهم جداً تناوُلُ هذه الظاهرة من جميع أبعادها ومنطلقاتها والوقوف على سياقها التأريخي وارتباطاتها الإقليمية الراهنة.
المفهوم العام للتطرف
> التطرف كمفردة: هو الميلُ عن المركز والإبتعاد عن الجوهر والأساس، إذاً هو الغلو والإنحراف عن جاد الصواب وعن محور التفكير العقلاني والسلوك السوي.
والتطرف بجميع مظاهره واتجاهاته يعتبر حالة مرضية مدمرة »سيكوباتية« تسيطر على الشخص الذي ينطلق من أحكام مسبقة ورؤى وأفكار ومعتقدات يرى فيها الحقيقة المطلقة غير القابلة للنقاش والمراجعة، فهي عنده بمثابة أي قانون طبيعي، أو نظرية علمية، ولذا فهو غير مستعد أن يتنازل عنها، أو عن بعضها، كما تسيطر على المتطرف نزعة السيطرة ووهم إصلاح العالم، تكون في البدء على مستوى الفكرة الضيقة، ثم تتطور لديه إلى مستوى الوسيلة والفعل، كيفما كانت النتائج.
عانت البشرية كثيراً ولا زالت تعاني من هذه النزعة المرضية والعصبية إلى جانب الإستبداد والحروب التي شهدتها البشرية في العصر الحديث، نموذج صارخ للتطرف حد الجنون وعشق الفناء، حروب عبثية عدمية لا معنى لها سوى حرب الكل ضد الكل، وانتصاراً لأفكار نيتشويه عن الرجل السامي الأعلى »السوبرمان« الذي يجب أن يسود، فكانت النتائج باهضة الثمن خرجت أوروبا من هذه الحرب مذهولة ومصدومة ومجروحة في عمقها الإنساني، فبدأت تراجع الكثير من المسائل والمفاهيم لتدرك أن الحل يكمن في التأسيس أكثر لقيم الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، والقيام بمأسسة الدولة والمجتمع والبدء في تنفيذ خطة التنمية الشاملة من خلال تنمية الفرد وإقرار الحريات والحقوق.
التطرف والعصبية
 توأما الإستبداد
> إن التطرف شكل من أشكال العصبية المدمرة التي تحرك الصراعات الإجتماعية والإثنية خاصة في المجتمعات ذات البنى الإجتماعية التقليدية التي لم تندرج في بنية الدولة الحديثة، حيث تصبح هذه البُنى »القبيلة، العشيرة، الطائفة« حضناً دافئاً للتطرف.. كما أن العصبية من العوامل الرئيسية في تدمير الحواضر المدنية والعمرانية، كما أشار إلى ذلك ابن خلدون في كتابه المقدمة إلى جانب الإستبداد، فالتطرف والإستبداد وجهان لعملة واحدة، فكلاهما نزوعٌ إلى مصادرة الحريات والحقوق، ونزوع للصراع والإنتهاكات والقمع، وعبر التأريخ كان التطرف أداة مهمة من أدوات الإستبداد، فحيثما ينمو الإستبداد السياسي ينمو إلى جانبه الإستبداد والإرهاب الفكري.
التطرف من الحنبلية
 إلى الوهابية
> بدأ التطرف الديني في التأريخ الإسلامي منذ أن أغتصبت السلطة بالإنقلاب على مبدأ الشورى وتحويل السلطة إلى ملك عضوض محتكر، والترسيخ له بقوة السيف وتصفية الجماعات المعارضة والمناهضة، تحركه في ذلك نزعة عصبوية ووعي ما قبل الإسلام.
والآن الحاكم الذي لا يزال يسيطر عليه هذا الوعي يدرك أنه انقلب على ثابت ديني من ثوابت الأمة وهو الإنقلاب على مبدأ الشورى، كان لا بد له أن يشرعن هذا الإنقلاب، ويشرعن ما تلا ذلك من انتهاكات وعنف وصراع دموي لترسيخ مبدأ الحكم الوراثي، من خلال تقريب فقهاء السلطة »الإنتهازية الدينية« التي بررت دينياً للحاكم كل أفعاله وجرائمه، وحروبه، وجعلت منه قائماً بأمر الله وظل الله في الأرض، ومن هنا بدأ التأسيس عملياً لفكر الخنوع والتراجع والإنقسام، ومحاربة العقل وكل نزعة عقلانية، وإرجاع كـُـلّ الأفعال إما إلى الجبر أو القدر.
فأخذ هذا الإتجاه المنغلق يأخذ مسارات أكثر تشدداً وغلواً بإغلاق باب الإجتهاد »لا اجتهاد في النص« كتأصيل ديني متطرف إستهدف عقل الأمة وحريتها وألغى التعدد والتنوع الفكري، واستهدف إقصاءَ الآخرين من العلماء والفقهاء والفلاسفة والتنكيل بهم؛ لأنهم جعلوا من العقل الحُجة الأولى في الإدراك والعبادة والمعرفة والإيمان، وهو ما رفضه تيارُ الإنغلاق والتحريض عليهم لدى الحاكم المستبد، ومن هُنا فتح الباب على مصراعيه لهذا التيار الذي يأخذ بظاهر النص وتأويله وفقاً للأهواء ورغبات الحاكم، لا بباطن النص ودلالاته اللغوية، وسياقاته التأريخية وأسباب التنزيل وظرفي الزمان والمكان، فكانت هذه هي الطامة الكبرى وبداية محنة العقل العربي والإسلامي حتى اليوم.
تزعم هذا الإتجاه بصورة صارخة الإتجاهُ الحنبلي الذي يتميز بالتشدد والغلو ومحاربة العقل وتعطيله، ورفض مبدأ الحوار كأساس للإلتقاء والتقارب، فكان طبيعياً أن ترتبط معظم الصراعات والفتن في التأريخ الإسلامي ارتباطاً وثيقاً بهذا الاتجاه، على الرغم من الإمتداد التأريخي الكبير ما بين السلفية الأولى وسلفية اليوم »الوهابية« وما حدث خلال الإمتداد من إنجازات وتطورات كونية على جميع المستويات، وخاصة في الجوانب العلمية والتكنولوجية، والتي صبت جميعها في خدمة الإنسانية كتأكيد أن التغير والتطور سنة كونية، وأن التأريخ لا يمكن أن يقف عند نقطة معينة أو جماعة معينة، غير أن الوهابية لم يؤثر فيها هذا الكم من الإنجازات والتطورات التي حققها العقل البشري، والتي لا تصل مساهمتنا فيها كعرب ومسلمين مع الأسف الشديد نسبة »٢٪«، فلا زالت مشدودة إلى القرون الأولى بل وتكرس كـُـلّ إمكانياتها لإخراجنا من العصر والعودة بنا للعيش في ذلك العهد بكل تفاصيله.
ولذا لا غرابة في حالة الغيبوبة التي تعيشها، وحالة القطيعة التي تفرضها مع العصر، ولا غرابة أيضاً أن تكون الوهابية »سلفية اليوم« هي حاضنة التطرف الديني في عصرنا الراهن الممتد من كراتشي حتى المغرب العربي، والجيوب المتطرقة التي تنشئها خارج هذا النطاق، ونحن عندما نتكلم عن هذه السلفية لا نتكلم عنها كمذهب، ولا ننطلق من موقع ضيق مغاير، بل نتكلم عنها راهناً كمشروع إقليمي يجري تعميمُه بقوة المال والوفرة واستغلال البيئات الإجتماعية المهيئة لاحتضانها.
> محمد علي عناش
> من الظواهر الخطيرة التي أبتليت بها المجتمعات العربية والإسلامية عامة وبلادنا اليمن على وجه الخصوص ظاهرة الإرهاب والتطرف الديني، هذه الظاهرة التي بدأت تأخذ شكلاً خطيراً من التنفيذ والتخطيط، أبرز صورها تنفيذ العمليات الإنتحارية، واستهداف الأطفال للقيام بهذه العمليات.
إن هذه الظاهرة أصبحت تمثل أخطر ظاهرة تستهدف تمزيق المجتمع، وتهديد السلم الإجتماعي، بالإضافة إلى انعكاسها السلبي على الدين الإسلامي، تستهدف أهم مبادئه وقيمه التسامُح والعقلانية والإنفتاح والتفاعل الإيجابي مع مختلف الثقافات والحضارات.
إن ظاهرة العنف الديني التي وصلت إلى حد تنفيذ عمليات إنتحارية يقوم بها أطفال ليست حوادث عارضة يمكن إحتواؤها بسهولة ويُسر، بل هي حوادث إرهابية ترتكز على بُنى إجتماعية وثقافية ونفسية، فيجبُ على الدولة أن تقوم بواجبها لدراسة الظاهرة وتفكيكها والوقوف على أبعادها المتعددة بصورة جدية للوصول إلى رُؤية كاملة لتجفيف منابع الإرهاب، وحماية جيل كامل تعصفُ به الأهواءُ والإستعدادات المختلفة، أما إذا تم التعامل معها بهكذا طريقة وكيفية فسوف يبشر ذلك باتساعها وانتعاشها، خاصة في ظل مؤسسات تعليمية وإعلامية وثقافية متداعية ومناخ معيشي سيء ملائم ومشجع لتمدد هذه الظاهرة، كما أنه من جهة أخرى ليس من مصلحة البلد غض الطرف عن كثير من جوانب الظاهرة، وأن ندع للكثير من الإعتبارات كي تنحرف بأسس وآليات التعامل السليم معها كنهج سلطوي مستمر في تزييف الوعي والحقائق واللعب على جميع الأوراق، ومواجهة القضايا بحلول لحظية ووفقاً للإعتبارات والرغبات على حساب كـُـلّ ما يتعلق بأمن واستقرار ومستقبل هذا الوطن وهذا الشعب.
إن جميع المعطيات والحقائق تؤكد أننا بالفعل أمام تنظيم يمتلك أدوات تنظيمية كبيرة وإمكانيات مادية هائلة تتحرك وتفعّل ضمن أجندة مشروع إقليمي ذي خصائص وسمات »طالبانية« وجد مناخاً وبيئة في اليمن مهيأةً لتحركه ونموه بسُهولة، مُستغلة غيابَ التيار التنويري الحداثوي الذي أصبح شبه مشلول لما أصابه ولحق به من ضربات وإقصاء لصالح التيار الأصولي والقبلي والإنتهازي كقوى تدميرية داخل مؤسسات الحكم وفي موقع صنع القرار، وقوى منتجة للأزمات المتوالية، وهو ما أعاق طوال العقود الماضية مسألة بناء الدولة بناءً حديثاً ومؤسسياً، وأعاق عملية التحول الديمقراطي الطبيعي الذي لا يمكن أن يتم ويحدث دون البدء عملياً في بناء الدولة وإعادة الإعتبار لتيار النهضة والتحديث لكي يرسم ملامح اليمن الجديد.
إن ظاهرة العنف الديني ما هي إلا منتج عملي وفعلي للتطرف والإرهاب الفكري، ولذا أصبح من المهم جداً تناوُلُ هذه الظاهرة من جميع أبعادها ومنطلقاتها والوقوف على سياقها التأريخي وارتباطاتها الإقليمية الراهنة.
المفهوم العام للتطرف
> التطرف كمفردة: هو الميلُ عن المركز والإبتعاد عن الجوهر والأساس، إذاً هو الغلو والإنحراف عن جاد الصواب وعن محور التفكير العقلاني والسلوك السوي.
والتطرف بجميع مظاهره واتجاهاته يعتبر حالة مرضية مدمرة »سيكوباتية« تسيطر على الشخص الذي ينطلق من أحكام مسبقة ورؤى وأفكار ومعتقدات يرى فيها الحقيقة المطلقة غير القابلة للنقاش والمراجعة، فهي عنده بمثابة أي قانون طبيعي، أو نظرية علمية، ولذا فهو غير مستعد أن يتنازل عنها، أو عن بعضها، كما تسيطر على المتطرف نزعة السيطرة ووهم إصلاح العالم، تكون في البدء على مستوى الفكرة الضيقة، ثم تتطور لديه إلى مستوى الوسيلة والفعل، كيفما كانت النتائج.
عانت البشرية كثيراً ولا زالت تعاني من هذه النزعة المرضية والعصبية إلى جانب الإستبداد والحروب التي شهدتها البشرية في العصر الحديث، نموذج صارخ للتطرف حد الجنون وعشق الفناء، حروب عبثية عدمية لا معنى لها سوى حرب الكل ضد الكل، وانتصاراً لأفكار نيتشويه عن الرجل السامي الأعلى »السوبرمان« الذي يجب أن يسود، فكانت النتائج باهضة الثمن خرجت أوروبا من هذه الحرب مذهولة ومصدومة ومجروحة في عمقها الإنساني، فبدأت تراجع الكثير من المسائل والمفاهيم لتدرك أن الحل يكمن في التأسيس أكثر لقيم الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، والقيام بمأسسة الدولة والمجتمع والبدء في تنفيذ خطة التنمية الشاملة من خلال تنمية الفرد وإقرار الحريات والحقوق.
التطرف والعصبية
 توأما الإستبداد
> إن التطرف شكل من أشكال العصبية المدمرة التي تحرك الصراعات الإجتماعية والإثنية خاصة في المجتمعات ذات البنى الإجتماعية التقليدية التي لم تندرج في بنية الدولة الحديثة، حيث تصبح هذه البُنى »القبيلة، العشيرة، الطائفة« حضناً دافئاً للتطرف.. كما أن العصبية من العوامل الرئيسية في تدمير الحواضر المدنية والعمرانية، كما أشار إلى ذلك ابن خلدون في كتابه المقدمة إلى جانب الإستبداد، فالتطرف والإستبداد وجهان لعملة واحدة، فكلاهما نزوعٌ إلى مصادرة الحريات والحقوق، ونزوع للصراع والإنتهاكات والقمع، وعبر التأريخ كان التطرف أداة مهمة من أدوات الإستبداد، فحيثما ينمو الإستبداد السياسي ينمو إلى جانبه الإستبداد والإرهاب الفكري.
التطرف من الحنبلية
 إلى الوهابية
> بدأ التطرف الديني في التأريخ الإسلامي منذ أن أغتصبت السلطة بالإنقلاب على مبدأ الشورى وتحويل السلطة إلى ملك عضوض محتكر، والترسيخ له بقوة السيف وتصفية الجماعات المعارضة والمناهضة، تحركه في ذلك نزعة عصبوية ووعي ما قبل الإسلام.
والآن الحاكم الذي لا يزال يسيطر عليه هذا الوعي يدرك أنه انقلب على ثابت ديني من ثوابت الأمة وهو الإنقلاب على مبدأ الشورى، كان لا بد له أن يشرعن هذا الإنقلاب، ويشرعن ما تلا ذلك من انتهاكات وعنف وصراع دموي لترسيخ مبدأ الحكم الوراثي، من خلال تقريب فقهاء السلطة »الإنتهازية الدينية« التي بررت دينياً للحاكم كل أفعاله وجرائمه، وحروبه، وجعلت منه قائماً بأمر الله وظل الله في الأرض، ومن هنا بدأ التأسيس عملياً لفكر الخنوع والتراجع والإنقسام، ومحاربة العقل وكل نزعة عقلانية، وإرجاع كـُـلّ الأفعال إما إلى الجبر أو القدر.
فأخذ هذا الإتجاه المنغلق يأخذ مسارات أكثر تشدداً وغلواً بإغلاق باب الإجتهاد »لا اجتهاد في النص« كتأصيل ديني متطرف إستهدف عقل الأمة وحريتها وألغى التعدد والتنوع الفكري، واستهدف إقصاءَ الآخرين من العلماء والفقهاء والفلاسفة والتنكيل بهم؛ لأنهم جعلوا من العقل الحُجة الأولى في الإدراك والعبادة والمعرفة والإيمان، وهو ما رفضه تيارُ الإنغلاق والتحريض عليهم لدى الحاكم المستبد، ومن هُنا فتح الباب على مصراعيه لهذا التيار الذي يأخذ بظاهر النص وتأويله وفقاً للأهواء ورغبات الحاكم، لا بباطن النص ودلالاته اللغوية، وسياقاته التأريخية وأسباب التنزيل وظرفي الزمان والمكان، فكانت هذه هي الطامة الكبرى وبداية محنة العقل العربي والإسلامي حتى اليوم.
تزعم هذا الإتجاه بصورة صارخة الإتجاهُ الحنبلي الذي يتميز بالتشدد والغلو ومحاربة العقل وتعطيله، ورفض مبدأ الحوار كأساس للإلتقاء والتقارب، فكان طبيعياً أن ترتبط معظم الصراعات والفتن في التأريخ الإسلامي ارتباطاً وثيقاً بهذا الاتجاه، على الرغم من الإمتداد التأريخي الكبير ما بين السلفية الأولى وسلفية اليوم »الوهابية« وما حدث خلال الإمتداد من إنجازات وتطورات كونية على جميع المستويات، وخاصة في الجوانب العلمية والتكنولوجية، والتي صبت جميعها في خدمة الإنسانية كتأكيد أن التغير والتطور سنة كونية، وأن التأريخ لا يمكن أن يقف عند نقطة معينة أو جماعة معينة، غير أن الوهابية لم يؤثر فيها هذا الكم من الإنجازات والتطورات التي حققها العقل البشري، والتي لا تصل مساهمتنا فيها كعرب ومسلمين مع الأسف الشديد نسبة »٢٪«، فلا زالت مشدودة إلى القرون الأولى بل وتكرس كـُـلّ إمكانياتها لإخراجنا من العصر والعودة بنا للعيش في ذلك العهد بكل تفاصيله.
ولذا لا غرابة في حالة الغيبوبة التي تعيشها، وحالة القطيعة التي تفرضها مع العصر، ولا غرابة أيضاً أن تكون الوهابية »سلفية اليوم« هي حاضنة التطرف الديني في عصرنا الراهن الممتد من كراتشي حتى المغرب العربي، والجيوب المتطرقة التي تنشئها خارج هذا النطاق، ونحن عندما نتكلم عن هذه السلفية لا نتكلم عنها كمذهب، ولا ننطلق من موقع ضيق مغاير، بل نتكلم عنها راهناً كمشروع إقليمي يجري تعميمُه بقوة المال والوفرة واستغلال البيئات الإجتماعية المهيئة لاحتضانها.
> محمد علي عناش

الجمعة، 14 يناير 2011


غصن السلام

بسم الله الرحمن الرحيم
غصن السلام
غصن السلام القاهرة ونعمان
طلع من الحلة ودار سعــــدان
وانا بقلبي للســــــــلام اكوان
وللسلا والحب غيل شنــــــان
***
غصن السلام وافى بأرض حجة
ينثر على الدنياء ضياء وبهجة
ويسكب الفرحة بكل  مهجـــــة  صفاء 
وأمن يتجدد بـــــــــكل الازمان ***
غصن السلام بشر بوصل من غاب
خلف السحاب او في صدور الاحباب
يبدد الظلمه وليــــــــــل الارهاب
ويحرر الدنياء من قيد الاحـــزا ن
***
غصن السلام قد عطر المدينه
با الآمن والايمان والسكينه
ويمنح المحتاج ما يعيـــــــــــنه
الحب زهره والوصال دينه
ومنطقه جنه لكل انسان
***
عادل شلي

الأحد، 2 يناير 2011

حجة مقام العبور الى الجنة


                                             

بسم الله الرحمن الرحيم

حـــجــــة
بقلم/ عادل شلي

حجة  ليست مدينة
     وإنما مشكاة 
تقبس المدائن  
 من نورها 
   ما يمكنها من الاتصال
        بسر تمدنها
         ****
   حجة  ليست أنثى
         وإنما مقام
  يفتح للأحلام 
    باب  العبور
وللحاجات 
طاقة التحقق والوصول
       * *  *
حجة
         سر لايقال 
        وإنما يفوح
   ووتر لايعزف  
       وإنما يضيء
   ومعطف لايلبس  
     وإنما يسير
     ورواية لاتحكى
     وإنما تعاش
      *  *  *
  فيها قيل:
     من كانت  بذرته السلم
      فثماره الأمان
     *  *   *
   حجة  ليست مفردة 
     من الطين والصخر
   وإنما مقلة  مطلع الشمس
         وغروبها
   على رأسها تاج العز  (1)
  وعن يمينها الشموس   (2)
    وعن شما لها الكواكب (3)
ويممت وجهها صوب النعمة
      وجنة عدن  (4)
فإذا كانت الرموز والأسرار
 في أم القرى
فالحقيقة في حجة
  إلا أنها بلا بيت 
    وما حاجة من يهب الفراغ الامتلاء
      إلى بيت
   وإذا كانت  أم القرى ترمز إلى
عبور الحاجات 
فحجة تمثل مقام العبور الى الجنة 
                
  ***
    اسمع ما تقول:
          ارتبط الكوكب بالقدم
          وارتبطت الشموس  بالظفر
            وارتبطت إنا بالنعمة
         فمن يمم وجهتي فاز
          ومن عرف مقامي  انتصر
                      * *  *
      اتخذها السبئي مقاما له
      فتمكن  واتصل
   وقاد قومه إلى الجنة  
              *   *   *
                    قلعة القاهرة 2ـشمسان الظفير 3ـ كوكبان قدم
  4ـ   جبل نعمان