الأربعاء، 8 أكتوبر 2014


تساقط حبات عقد تحالف 7/7/ 1994م
.............................
                                                         عادل شلي

تكون تحالف 7/7 / 1994م من القوى التقليدية في الشمال والجنوب ، وكان رموز التحالف الرئيس صالح تحالف القوى المعتدلة في المؤتمر ،الشيخ عبدالله  تحالف القوى القبلية والدينية تجمع الاصلاح ، هادي تحالف القوى الجنوبية .
ـ تمكن التحالف من اقصاء الاشتراكي وتقاسموا الدولة الجنوبية كغنيمة .
وتم القضاء على اليسار المتشدد وتمكن هادي من ضم  اليسار المعتدل  الى المؤتمر ، وتمكن الاصلاح من استغلال فراغ الجنوب فنتشر في المساحات الخالية وورث التيار المعتدل الجديد برئاسة باجمال وهادي التيار المعتدل القديم ، وتم الاكتفاء بحزبين رئيسيين وتم اقصاء كافة الاحزاب الاخرى بحجة وقوفها مع الانفصال .
بعد ان ابتلع التحالف اليسار كدولة وجغرافيا لم يجد اي صعوبة في ابتلاع الكيانات الصغيرة الاخرى.
ولم تمر سوى سنوات حتى تمكنت القوى التقليدية في تحالف المؤتمر من ابتلاع القوى المعتدلة مما شجع على ابتلاع الهوامش القبلية والسياسية والادارية لشركاء التحالف وبدئت الحلقات تضيق عليهم ليجد تجمع الاصلاح وقواه الرافضة للابتلاع نفسها خارج السلطة .
وتم الاكتفاء بحزب واحد داخله القوى التقليدية الدينية والقبلية التي تكفل محسن بضمها الى تحالف المؤتمر .
وتم تسخير السلطة والمال لصالح الحزب الواحد وبداء الصراع ينتقل الى داخل الحزب .
فتم تصفية القوى المعتدلة ذات الجذور البعثية والقومية في الشمال لصالح القوى الموازية لها في الجنوب وتم في الاخير تصفية القوى المعتدلة لصالح  تحالف القوى التقليدية في الجنوب والشمال، وبصورة اكثر وضوحاً تم تصفية تيار الارياني عبر تيار با جمال وتم تصفية تيار الارياني وباجمال عبر تحالف محسن وهادي .
وبداء النظام في صناعة الاعداء ليحافظ على تماسك اجنحته المتصارعة فالعدو المختلف يوحد الشركاء المتشاكسين .
وتسابقت التيارات المتصارعة للسيطرة على مفاصل السلطة والثروة واصبحت مهمة صالح تنحصر في ادارة الصراع بينهما .
وبداء الفساد ينخر عظام الاجهزة والمؤسسات وتراجع الولاء الوطني للخلف واصبح الولاء للأشخاص في المقدمة وتم استبدال القوانين واللوائح والانظمة المعمول بها بالأشخاص واصبحت اهوائهم وامزجتهم هي النظم واللوائح الجديدة .
ـ وتم تقاسم المؤسسة العسكرية بين صالح ومحسن وتم اقصاء هادي منها  الذي انحصر دوره في التوفيق بينهما .
ولم يتمكن اي منهما من ابتلاع الاخر الا بوجود هادي الى جانبه ، ولإدراك هادي لأهميته المستقبلية في أجندة كل من صالح ومحسن فقد مكنه وعيه بذلك من تقوية مركزيته لدى الطرفين  .
ورغم ادراك صالح لخطر مركزية هادي الا انه لم يستطع القفز على مركزيته رغم كل الاجراءات التي قام بها لإضعافه.
ـ وتم ابتلاع المشروع السياسي وضرب الاحزاب السياسية ورموزها التي ترفض القبول بمعطيات ما بعد حرب صيف 1994م
ـ وتمكن الاشتراكي وبقية القوى السياسية من تكوين جبهة رمزية تمثل دورها في المحافظة على المشروع السياسي وقد تعرضت الاحزاب المنطوية فيها للتضييق بمختلف صوره واشكاله .
وتمكنت الجبهة السياسية من تكوين كتلة سياسية من الاعلاميين والحقوقيين والقوى السياسية سميت باسم المشترك وبدئت في تنفيذ فعالياتها السلمية الاحتجاجية على مختلف اشكال التضييق التي مارسها النظام سواء ضد احزاب او مؤسسات اعلامية او صحف او جماعات او ناشطين حقوقيين.
ـ افرزت التغيرات داخل بنية السلطة الى ازاحة القوى القديمة من حلفاء الماضي لصالح القوى الجديدة ، وبدئت الازاحة من المؤسسة العسكرية وتم استحداث تكوينات عسكرية جديدة داخل المؤسسة العسكرية وتم اعادة تنظيمها وفق اسس علمية حديثة لصالح اقارب الرئيس صالح وتم التضييق على محسن ، وافرز الصراع داخل المؤسسة العسكرية خاصة وبقية المؤسسات الاخرى الى ضرورة خلق اعداء خارج النظام من اجل المحافظة على تماسك اجنحة الصراع داخل السلطة .وتم تدشين حروب صعدة للمحافظة على تماسك النظام .
ـ تمكنت الكتلة السياسية بالتحالف مع القوى التقليدية التي اقصائها النظام في السابق من تكوين حراك سياسي كبير تمكن في الانتخابات الرئاسية في 2006م من منافسة صالح بقوة .
ـ تمكن الناشطين السياسيين والحقوقيين في الجنوب من استغلال الحراك السياسي وتشكيل الحراك الجنوبي السلمي الحقوقي في 2007م
ـ واجهت السلطة الحراك الزيدي في الشمال بالقوة وواجهت الحراك الجنوبي بالقوة وكان القمع هو القاسم المشترك لكل القوى السياسية المخالفة للنظام وكما تم قمع الحركة الزيدية بالعنف المبالغ فيه بحجة حماية النظام الجمهوري من خطر الامامة ، تم قمع الحراك الجنوبي بالعنف والقوة بحجة الحفاظ على الوحدة .
ـ دخل النظام الحاكم في مأزق غياب الشرعية وتغول القوى التقليدية المؤمنة بالعنف والقوة داخل مؤسسات الدولة ، واتسع نشاط وخطر القوى السياسية السلمية التي وجد فيها كل المعارضين للنظام الجبهة القوية  القادرة على مواجهة النظام بأدواتها السلمية والمدنية ، فبدئت من خلال كتلة المشترك الدعوة الى الحوار الوطني وتم تشكيل اللجنة التحضيرية للحوار الوطني من مختلف القوى في المشترك وخارجه.
ـ هبت ريح الثورات في المنطقة العربية وخرج الشباب للشوارع وتمكنت القوى السياسية في المشترك من تنظيم حركة الاحتجاجات الشعبية والاعتصامات الجماهيرية ضد النظام الذي واجهها بالعنف والقمع ، وادت شدة القمع الى تغير الموقف الدولي من نظام صالح ، ووجد الحليف القوي لصالح فرصته المواتية للانسلاخ عن صالح ووجدت القوى السياسية فرصتها لتأديب صالح فقام محسن واتباعه داخل السلطة من الانشقاق من السلطة وتعهدت الفرقة والويتها العسكرية بحماية المعتصمين فوجد في ذلك صالح وتيار العنف الموالي له فرصتهم لتبرير العنف والقمع الذي قاموا بممارسته ضد الثوار السلميين وتمكنوا من حرف مسار الثورة السلمية الى العنف.
ـ بفضل تدخل العقلاء تم صياغة المبادرة الخليجية التي يتم بموجبها تغليب لغة العقل على لغة العنف للحيلولة دون نشوء حرب اهلية في اليمن ، وتم نقل السلطة من صالح الى نائبه وتشكيل حكومة وفاق وطني من القوى السياسية يراسها المشترك .
ـ بعد التوقيع على المبادرة وتشكيل الحكومة تم تهميش القوى الثورية الاخرى خارج المشترك كالحوثيين ، والحراك الجنوبي ، والعدالة والبناء والاحزاب الشابة ، واعاد الاصلاح ترتيب اوراقه من جديد بعد المتغيرات الجديدة .
ـ تمكن محسن من استثمار خلاف هادي وصالح لصالحه وعمل عبر وقوفه مع هادي على اعادة كل من فارقوا السلطة وانظموا معه الى الثورة ، تم اختزال الثورة في الاصلاح ومليشياته العقائدية والقبلية الموالية للجنرال والشيخ .
وتم عسكرت الثورة وتحويل شباب الثورة الى عساكر تابعين لمحسن ، وتحويل ساحاتها الى معسكرات موالية .
ـ تم افراغ الثورة من مضمونها ولم تحدث أي تغيير سوى تمكين محسن وحلفائه من مفاصل الدولة .
الامر الذي برر لاتباع صالح كافة العراقيل التي قاموا بها ونتيجة التوغل المرعب لتيار محسن داخل السلطة واقصاء حلفاء الثورة من القوى السياسية من المشاركة الفاعلة في صياغة القرار ، وفرض الامر الواقع ومنطق القوة على الجميع تم القفز على نضالات المشترك والقى بها محسن وحلفائه وراء ظهورهم .
ولم يدر بخلد احد ان تفضي الثورة الشبابية السلمية الى اعادة استنساخ اسواء ما في نظام صالح وتمكين القوى التقليدية التي عجزت في عهد صالح من السيطرة على مختلف مفاصل النظام.
ـ تمكن هادي من بناء قوته العسكرية التي جرده تحالف محسن وصالح منها من قبل ، وعمد الى استغلال صراع الطرفين لصالحه مما ادى الى تفاقم الازمة الاقتصادية واتساع دائرة الاضطرابات  التي امتدت الى مختلف محافظات الجمهورية ، وتمكنت القاعدة من تكثيف نشاطها وكثفت عملياتها ووسعت رقعة نشاطها ، في الجنوب، واستغل الحوثيين في الشمال حالة الصراع والتنافس بين هادي ومحسن وصالح لتكثيف نشاطهم وتوسيع رقعة تحركاتهم .

ـ حاول تحالف القوى التقليدية ان يعيد استنساخ معطيات الازمة السياسية التي حصلت في مطلع التسعينيات ضد الحزب الاشتراكي ولكن عدم توفر عدو قوي كالحزب الاشتراكي جعلهم يركبون موجة التأجيج المذهبي في المنطقة ففتحوا البلاد على مصراعيها للمجاهدين التابعين لتنظيم القاعدة وتم تسخيرهم لاغتيال الخصوم واغراق البلد في الفوضى.
ـ تم البحث عن مخارج امنة للأوضاع فتفق  جميع القوى على عقد مؤتمر الحوار الوطني ليتم من خلاله معالجة مختلف القضايا واجبر الحوار مختلف القوى الصراعية للاحتكام لصوت العقل والمنطق ، ولكن القوى الصراعية سعت بكل امكانياتها لعرقلة الحوار وعمدت على تفجير الاوضاع في كل مكان ، ووصلت التفجيرات والاغتيالات الى داخل العاصمة وتم استهداف كوادر انصار الله كما تم اغتيال كوادر الاشتراكي من قبل .
ـ قفزت القوى الصراعية على مخرجات الحوار وقام رموزها القبلية بفتح جبهة للصراع في شمال الشمال واجبار الرئيس هادي على الزج بالجيش في حروبها وامام رفض الرئيس المشاركة في الحرب تكبدت تلك القوى خسائر باهضه وتمكنت مليشيات الحوثي العسكرية من هزيمتها والتوسع الى محافظة عمران على حساب تلك القوى التي لم تدرك التغيرات في الموقف الاقليمي من تحالف الاخوان وكلفها ذلك الجهل خسارة الجناح القبلي وسقوط محافظة عمران وامام جهل الجماعة بالمتغيرات الدولية واصرار قادتها على اعادة استنساخ ما حدث في 1994م دون أي قراءة للمتغيرات الجديدة في الواقع المختلف فلا هادي كصالح ولا الموقف الدولي منها اليوم هو ذات الموقف السابق ولا جماعة انصار الله كالاشتراكي ولا القوى القبلية اليوم كما كانت بالأمس ، ورغم تغير كل المعطيات الا انها مضت في طريق الحرب لتحصد في النهاية مرارة الهزيمة التي لم تكن تخطر لاحد على بال.
ـ وعمدت على السير في خط الصراع وتحجيم كافة الخيارات السياسية الاخرى وافضى ذلك سقوط قوتها العسكرية والسياسية وتمكين جماعة انصار الله من السيطرة على موقع الفرقة عرين الجنرال محسن وسقوط صنعاء التي فتحت مؤسساتها الامنية والعسكرية والادارية ابوابها لمليشيات انصار الله دون أي مقاومة تذكر ودونما سبب معقول لذلك.
ـ بسقوط الفرقة وجامعة الايمان وصنعاء بأيدي مليشيات الحوثي تداعت القوى السياسية والرئيس هادي لتوقيع اتفاقية السلم والشراكة التي تم بموجبها الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة وتعيين مستشارين للرئيس من القوى التي قفز عليها الجنرال وحلفائه في 2011م وتخفيض الف ريال من سعر المشتقات النفطية.
ـ مر اكثر من 10 ايام ولم تتوافق القوى السياسية والمستشارين للرئيس على رئيس الوزراء الذي سيقوم بتشكيل الحكومة وقام الرئيس هادي في 7/10/ 2014م بالإعلان عن تكليف احمد عوض بن المبارك برئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة .
ـ اخطاء الرئيس هادي في تكليف  احد اهم رموز الفترة الماضية في وجهة نظر ثوار 18  اغسطس 2014 م الذين يعتقدون ان كل رموز الفترة الماضية محسوبين على محسن وحلفائه ، واصاب باختيار ابن المبارك رئيساً للوزراء باعتباره امين عام الحوار الوطني واشد الناس رغبة في تطبيق مخرجات الحوار .
ـ استفاد أنصار الله من رفض هادي لمشاركة القوات المسلحة في الصراع الدائر بينهم وتحالف محسن واراد الرئيس هادي في مقابل غض الطرف عن تحركات الحوثي في المحافظات ان يختار رئيس وزراء موالي له ويحظى بالقبول من بقية القوى المحلية عدى المؤتمر وانصار الله ، ولكن ردت فعل أنصار الله غير المتوقعة قد تعصف بالمشهد اليمني بصوره غير متوقعة .
ـ فهل سيلملم تحالف صيف 94م حباته المتناثرة ، ام سينشى تحالف جديد وتسقط اخر حبات عقد تحالف صيف 7/7/ 1994م.

ـ اعتقد أن تحالف انصار الله والمؤتمر لن يكتمل الا بهادي ، وتحالف محسن والاصلاح سينكفاء على ذاته ولن يقبل بالتحالف مع هادي مرة اخرى ، ولن يقبل ان يتحالف مع المؤتمر مرة اخرى الا في حالة واحدة وتكون برعاية المجتمع الدولي والقوى الاقليمية ، وهذا لن يكون في الراهن القريب ، وانما بعد تساقط  بقية حبات عقد تحالف صيف 1994م بفترة من الزمن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق