الاثنين، 26 فبراير 2018

حكيم الواحة… قصة المترفين في زمن الحرب والحصاروالحصار

حكيم الواحة
قصة المترفين في زمن الحرب والحصار.
                  بقلم/ عادل شلي

- يحكى ان :
واحة في احد الازمنة كانت اشبه بالجنة الغناء ، في وسط الصحراء الجرداء وكانت مزدهرة في كل المجالات ،ويقصدها الناس والقوافل  التجارية من كل مكان.
 فدب الخلاف بين حكامها وحصل النزاع .
فوجد في ذلك الخلاف اعداء الواحة والطامعون في خيراتها فرصة لاتعوض.  فاتفقوا على مهاجمتها من كل الجهات فتصدى لهم شبابها الذين وحدهم احد الشباب المخلصين والشجعان بعد ان جند نفسه وشباب الواحة للدفاع عنها.
- ولم يتمكن الغزاة من احتلالها فاحكموا حصار خانق عليها .
ومر عام وتلاه العام الثاني والغزاة يضربون الواحة بالمنجنيق ويفرضون عليها حصارا خانقا فتضرر الناس وانقطعت الارزاق وحل الفقر بيد ان الناس بتراحمهم استطاعوا ان يتحملوا الحصار ونشأت في هذا الوضع فئة طفيليه بدأت ملامح الثراء تظهر عليها فكانوا يلبسون افخر الثياب ويقتنون افضل الخيول والدواب ويقيمون العزائم والافراح وينفقون ببذخ كبير في الوقت الذي يتضور غالبية سكان الواحة من الجوع فاشتكوا بهم وباعمالهم المستفزه الى كبار اهل الواحة فوعدوهم خيرا ولكنهم لم يتوقفوا عن استفزازهم لسكان الواحة .
فقرر الشباب الذين اطلقوا على انفسهم صفة المتراحمين وهم الذين جندوا انفسهم لتعليم سكان الواحة التراحم والتكافل كي لا يؤثر فيهم الحصار اسوة بالشباب الصامدين الذين يتصدون للمعتدين في حدود الواجة.
- وحصل الصدام بين المتراحمين و المترفين المسرفين الذين كانت تربطهم صلات ببعض الحكام والقادة الصامدين.  فتدخلت الشرطة وقامت باعتقال المتراحمين ولم تفلح كل المساعي لاطلاقهم .
فلجأ البعض منهم الى حكيم الواحه فاخبروه بما حدث .
- فطلب منهم ان يمهلوه بعض الوقت ليفكر في معالجة الأمر .
وعادوا اليه بعد ايام فاخبرهم بخطته ودعاهم للحضور في اليوم التالي الى قصر الحاكم للمشاركة في عزاء احد كبار رجال الواحة الذي تعرض داره لضرب منجنيق فقضى عليه وعلى اسرته.
وبينما هم يقومون بموجبات العزاء قام مجموعة من المتراحمين باخراج بعض الالات الموسيقيه وبدأوا الغناء والرقص فاستاء المترفون وقاموا لمواجهتهم واستاء من سلوكهم حكام الواحة وكبار القادة الصامدون وقبل ان يشتبك المترفين بالشباب  الذين حولوا العزاء الى فرح .
طلب حكيم الواحة من الجميع ان يجلسوا في اماكنهم واخذ يهدئ الجميع ويصف الفعل الذي قام به الشباب المتراحمون بغير المقبول والمخل بالعرف والادب والسلوك العام  للمجتمع .
وطلب من الشباب الذين قاموا به ان ينتقلوا الى صدر القاعة في جانبها الايمن.
وطلب من المترفين ان ينتقلوا الى الصدر الايسر من القاعة ، وطلب من حكام الواحة وكبار القادة الصامدين ان ينتقلوا الى صدر القاعة وطلب من الخدم ان يعيدوا ترتيب القاعة لتتحول الى مايشبه قاعة المحكمة ، وطلب من الحضور ان يجلسوا في اماكنهم حتى يتم ترتيب القاعة .
- ووضع له كرسيا في صدر القاعة في مكان متوسط من الجميع  .
وبعد ان تم ترتيب القاعة قام واثنى على الله واستعرض القضية وطلب من الحكام الا يصدروا حكمهم الا بعد الاستماع لكل الاطراف .
- وبدأ بالمترفين وسألهم مالذي دفعكم للاعتداء علي الشباب الذين قاموا بالغناء والرقص في المأتم ، فاجابوا بان هذا مغاير للسلوك السوي والادب والعادات والدين والشرع والعقل والمنطق ، وانهم قاموا بما قاموا به لتأديبهم .
- فسألهم الحكيم :
 اليست مهمة تاديبهم  من اختصاص القضاء والشرطة.. ؟
فقالوا :
بلى ولكننا لم نستطع ان نتحكم  بمشاعرنا .
- والتفت الحكيم الى الشباب الذين قاموا بالغناء والطرب والرقص.
فسألهم مالذي دفعكم للقيام بما قمتم به .
- فاجابوا بانهم يعترفون بخطأهم ولكنهم لم يجدوا سبيلا لعرض مظلمتهم امام حكام الواحة وكبار قادتها سوى بهذا العمل .
فسألهم الحكيم :
وما قضيتكم ومن ظلمكم :
- فاجاب احدهم :
انت تعلم  ياحكيم وكل سكان الواحة اننا في عدوان وحصار غاشم اتلف الزرع والضرع وقطع الأرزاق وأحال سكان الواحة الى فقراء ، واننا قد نذرنا انفسنا للتراحم وتعليم ابناء الواحه التكافل والحرص والتآخي وقد تعاون اغنياء الواحة وحكامها وكل سكانها معنا واستطعنا بفضل التراحم ان نجنب الواحة ويلات المجاعة.
ولكن في العام الثاني للحصار ظهرت فئة من الشباب المترفين بملابسهم المطرزه ودوابهم وخيولهم المطهمة  واقامة الحفلات الباذخة.
 فاستفزوا سكان الواحة الفقراء بافعالهم ، فطلبنا منهم ان ينتهوا عما يقومون به لانه منافي للادب والمروءة والشرف ان تتفاخر بالثراء والاسراف  على من لايجدون قوت يومهم ، ولكنهم لم يصغوا ، وتكررت استفزازاتهم للناس وتكررت نصائحنا لهم ، وشكوناهم للشرطة ولكنهم لم ينهوهم عن استفزازهم للناس ، فحاولنا ان نمنعهم من اقامة احدى احتفالاتهم الباذخة في احد الاحياء الفقيره فرفضوا وتعاركوا مع اخواننا الذين حاولوا اثنائهم عن استفزازهم للناس ، وعندما وصلت الشرطه زجت باخواننا في السجن ولم يتم اطلاقهم الى اليوم.
ولهذا لم نجد وسيله لنلفت نظر حكام الواحة وكبار قادتها لمظلومية اخواننا سوى هذا السلوك المنافي للادب والاخلاق والذي نعتذر عنه ونقبل اي عقوبه تفرضونها علينا بطيب خاطر.
- فرفع الحكيم راسه اليهم وقال :
انكم مذنبون ولابد ان نعاقبكم علي استخدامكم لهذه الطريقة اللامقبوله لعرض قضيتكم ، لان باب المحكمة مفتوح والحكام وكبار القاده ليسوا بابراج مشيده لايمكن ان تصلوا اليهم.
- ونظر الى حكام الواحة وكبار قاداتها ورجال القضاء والشرطة في صدر القاعة.
وقال :
نحن امام قضيه عجيبه توضح حال المجتمع ومهمتكم هي التحري عن الطريقة التي يحصل بها هؤلاء الشباب على المال الذين ينفقونه بترف وبذخ وفي هذه الظروف العصيبة التي تمر بها الواحة.
واقول لكم اذا كان المتراحمون قد اخطأوا بجهلهم بحق من في هذه القاعة من كبار رجال الواحه واسرة المرحوم واقاربه واصدقائه في هذه الليله ، فان المترفين قد اخطأوا بحق كل ابناء الواحة ، وبحق صمودهم وصبرهم وبتضحيات الصامدون ، ومآثر المتراحمون ، وخطأهم تجاوز قاعة القصر وزمن العزاء الى كل متر في الواحة وتجاوز الساعة والسويعات والليلة والليالي واليوم والايام والاسابيع والشهور .
وانتم الاقدر ياحكام الواحة على معرفة الفرق بين اضرار استفزاز المترفين واستفزاز المتراحمين .
ولو انكم فوضتموني للحكم عليهم لحكمت علي المستفزين بالسجن لايام معدوده ومصادرة الات وادوات الاستفزاز ، وحبس كل من يحول دون مصادرتها ، ولكني اثق بان عدالتكم اكثر تحريا وتدقيقا مني.
- فتكلم حكام الواحه وكبار قادتها وقضاتها واثنوا على الحكيم وايدوا حكمه ، وكلفوا القضاة ورجال الشرطة بتنفيذ ما يأمر به الحكيم.
- وطلب الحكيم من قاضي القضاة بان يحكم بسجن الشباب الذين حولوا العزاء الي فرح مدة 10 ايام ومصادرة الات الطرب والغناء .
وبسجن المترفين لمدة شهر ومصادرة ثيابهم ودوابهم وممتلكاتهم وادوات ترفهم .
- فصاح الحاضرون في القاعة يحيا العدل ..يحيا العدل ...يحيا العدل.
                            ***
# اللوحة من موقع الجزيرة نت للمعرض السنوي الذي تقيمه جمعية الحفاظ على التراث المصري الذي اقيم  في عام 2011 م
بعنوان
/ حلوه يابلدي

الخميس، 4 يناير 2018

الأديب والسياسي عادل شلي يتحدث عن مشروع محافظات ومدن آمنة ويدعو المجتمع المدني لتبني المشروع في ظل الصراع الذي تشهده البلاد

الأديب والسياسي عادل شلي يتحدث عن مشروع محافظات ومدن آمنة ويدعو المجتمع المدني لتبني المشروع في ظل الصراع الذي تشهده البلاد



يمنات – خاص

يعد الأديب و السياسي و الحقوقي عادل راجح شلي أحد الرموز الثقافية بمحافظة حجة، شمال غرب البلاد.

و في هذه المقابلة يقدم شلي قراءة لما يحدث في المشهد اليمني من تغيرات و استقراء لأفاق المستقبل. كاشفا عن مقترح بشأن انشاء مدن و محافظات آمنة في ظل الصراع المسلح الذي تشهده البلاد.

حوار/ منصور أبو علي

ما مستقبل الصراع في اليمن..؟

– الموشرات تشير إلى ان اليمن سيشهد موجه صراع جديده تسرع من وتيرة الحرب، و توسع نطاقها. و لكن الأحداث في المقابل  تؤكد ان الحل العسكري  لن يأتي بجديد سوى مضاعفات الوضع الانساني المأساوي، و ذلك لأن العجز و الفشل و الهزيمة هي النتيجة التي افضى إليها الحل العسكري طوال الفترة الماضية، و استمرار الحرب التي لم يستطع ان يحقق أي طرف فيها نصر يذكر نوع من العبث و استهانة بالحيا، و تمكين لأمراء الحرب من المزيد من السلطة و النفوذ و مضاعفة معاناة الملايين من أبناء الشعب اليمني الذي تفتك بهم الامراض و الاوبئة و الجوع و الفقر و القصف و القصف المضاد.

ماهي الخيارات البديلة برئيكم..؟

الخيارات البديلة للحرب هي كالتالي:

الخيار الاول: الشروع في الحل السياسي و الدعوة إلى مفاوضات عاجلة لايقاف الحرب و احلال السلام و الاكتفاء بما انجزته الحرب من تدمير لمقومات الحياة و مضاعفة معاناة البشر و تغول الأمراض و الاوبئة و الجوع و الفقر.

الخيار الثاني: الاصرار على استمرار الحل العسكري، حيث يجب ان يصاحبه تحرك مدني انساني للحد من اتساع رقعة الحرب و اعبائها و ويلاتها و ذلك عبر تحرك سلمي مدني من القوى المدنية السلمية المناهضة للحرب في الداخل و الخارج للضغط على الاطراف الفاعلة في الصراع على المستوى المحلي و الدولي لتوفير مدن امنة و محافظات آمنة و خالية من الصراع، و اجبار اطراف الصراع على احترام خصوصيتها و تسليمها لقوى محلية لادارتها وفق قوانين تحرم العنف و تحول دون انخراط سكانها و الوافدين إليها في الصراع، و تفتح ابوابها لكل الوافدين اليها، و تحترم حقوق المواطنة و توفر لمواطنيها مقومات الحياة الكريمة، و يتم اختيار المدن و المحافظات الآمنة وفق معايير سليمة و يتم اجبار اطراف الصراع على سحب المسلحين و اخلاء تواجدهم فيها، و تأمين ممرات العبور إليها، و يتولى المجتمع الدولي توفير احتياجات سكانها و الوافدين إليها.

الخيار الثالث: اذا استمرت الحرب و اتسع نطاقها و عجزت القوى المحلية و الدولية عن ايجاد مدن و محافظات آمنة، فلابد ان يقوم المجتمع الدولي بدوره في حماية المدنيين و حماية ملايين اليمنيين المعرضين للموت بفعل المواجهات أو الاوبئة أو الجوع و يعمل على توفير ممرات آمنة للعبور إلى خارج اليمن و تجهيز ملاذات آمنة و صحية للملايين من المجتمع المدني لانقاذهم من الموت الذي يتهددهم طالما و خيار الحرب قائم، و بالامكان تجهيز هذه الملاذات في دول الجوار مثل عمان أو اثيوبيا.

توفير مدن ومحافظات أمنة فكرة رائعة .. لكن هل سيقبل بها أطراف الصراع..؟

المدن و المناطق الآمنة هي جزء من تراثنا اليمني و كانت تسمى من قبل بالهجر و كانت القبائل المتحاربة تحترم خصوصية هذه القرى و تحرم الاعتداء عليها و يحرص ابنائها على عدم الانخراط في الحروب القبلية، و هذه الهجر كانت بمثابة ملاذات آمنة للهاربين من جحيم الحرب، و قد شهدت حالة من الازدهار و التطور جراء توفر الأمن و الاستقرار، و ساهم وجودها في تقليل خسائر الحرب، و الحد من اتساع رقعتها و مدتها.

كما عمل حكمائها و قادتها المسالمين على التوسط لايقاف الصراعات و الحروب و وجد فيهم اطراف الصراع المحكم الذي يرتضون بحكمه لانهاء الصراع، و امكانية الضغط على اطراف الصراع كبيرة، خاصة و ان الاغلبية من ابناء المجتمع مع خيار السلام و بامكان القوى المدنية الاشتغال على هذا الخيار و توحيد طاقاتها و امكانياتها لبلورة مشروع يهدف إلى توفير مدن و محافظات آمنة و تتوجه بمشروعها و خطابها للاغلبية المتضررة من الحرب و التي تتجاوز نسبتها اكثر من 80% من سكان المجتمع اليمني، و سيكون لخطابها و مشروعها صدى كبير و تفاعل من القوى السياسية التي عطلت امكانية عملها الحرب، و من القوى المدنية ممثلة بقطاعات واسعة و على رأسها منظمات المجتمع المدني و النقابات و الاتحادات التجارية و العمالية و المهنية و المثقفين و الكتاب و الاكاديميين …ووالخ، و ستتفاعل مع مشروع المدن و المحافظات الامنة الاوساط الثقافية و المنظمات و المؤسسات و الهيئات الدولية و الاممية، و كلما ارتفع الصوت المطالب بهذا الخيار كلما تراجعت الاصوات المنادية باستمرار الحرب. و هذا الخيار هو الانسب في حال تصميم قادة الصراع على الاستمرار في الحرب.

كيف يمكن تطبيق مشروع المدن والمحافظات الامنة لو افترضنا انه اكتسب مبررات القبول به وتطبيقه..؟

يتم تنفيذه عبر اجبار اطراف الصراع على سحب تواجدهم من المحافظات المتفق عليها في الشمال و الجنوب و تسليم ادارتها للسلطات المحلية و قيادات التحالف المدني الواسع المتبني لهذا الخيار في الداخل و الخارج لتهيئة الارضية لتحويل المحافظات المتفق عليها إلى مدن و محافظات آمنة، و يتكفل المجتمع الدولي بالدعم المالي و الانساني.

ماهي المحافظات التي يمكن ان تتحول إلى محافظات آمنة..؟

يتم الاختيار وفق معايير جغرافية واجتماعية تؤهل المدينة أو المحافظة لتكون مدينة او محافظة آمنة و بالامكان اختيار مدينة آمنة تقع بين ثلاث أو أربع محافظات و كذا محافظات كاملة لتحويلها إلى آمنة.

و محافظة تعز نظرا لما تتميز به من المؤهلات و ما تملكه من المقومات كان من الممكن تحويلها إلى نموذج، و لكن ظروف الصراع و تواطؤ المتصارعين ضدها  قد يعيق اختيارها في الوقت الراهن، و لذا ارى ان يتم اختيار محافظتين لتكونا محافظات آمنة احدهما في الشمال و الاخري في الجنوب.

و يمكن ان تنطبق المعايير على محافظة إب  و محافظة حضرموت، فكلاهما تدار عبر سلطات محلية عاقلة و واعية و حريصة على السلم الاهلي و تعبر عن قناعة فئات اجتماعية واسعة حريصة ألا يزج بهما في الصراع، و تملكا العديد من المقومات التي تؤهلهما للتحول إلى محافظات آمنة.

ما رأيك في الادارات المدنية لعدن ومأرب وصنعاء..؟

– لايوجد إدارة مدنية تدير الاوضاع في اليمن في المرحلة الراهنة، ففي الجنوب مجلس عسكري تديره الامارات و هو المتحكم بزمام الامور، و في الشمال مجلس عسكري يدير الأمور، و ما المجلس السياسي و الحكومة سوى واجهة، و في مأرب مجلس عسكري يدير الامور و ما حكومة ابن دغر سوى واجهة.

ما تعليقك على ما حدث في مطلع ديسمبر من احداث في صنعاء..؟

ما حدث هو اوضح صورة على عجز التحالف و الشرعية على تحقيق أي نصر عسكري، و اشتغالهم  منذ اكثر من عام على تفتيت الجبهة الداخلية و رهانهم على ان الصراع و المواجهة التي ساهموا في اذكاء نارها سيمكنهم من تحقيق  انتصارات عسكرية. هذا الرهان يكذبه الواقع فالانتصارات التي تحققت في الساحل الغربي سرعان ما تلاشت، و ساهموا بشكل كبير في تمكين المجلس العسكري في صنعاء من احكام سيطرته على مقاليد الامور، لأن الوضع في صنعاء كان افضل بكثير من الوضع في الجنوب أو في مأرب سواء من حيث مساحة الحريات او التوازن بين القوى و اختلال المعادلة لصالح القوى العسكرية في صنعاء كما هو الحال في مأرب وعدن، و سيكون له اثاره التي اعتقد ان قيادة انصار الله قد فطنت للأمر و أعلنت عن العفو العام لكل من شارك في احداث الثاني من ديسمبر، و رغم ان العفو استثني العسكريين، و هذا دليل دامغ على سيطرة المجلس العسكري غير المعلن على زمام الامور، حتى داخل جماعة انصار الله، إلا ان قرار العفو سيسهم في ملئ جزء من الفراغ الذي اضر بالقوى المدنيه داخل الجماعة و بالمجلس السياسي و الحكومة، و اذا لم يتم ملئ الفراع و اعادة التوازن و تعادل الكفة بين القوى المدنية و العسكرية في صنعاء، فإن لهذا آثار سلبية كبيرة.

سيطرة المجالس العسكرية على مقاليد الأمور في صنعاء و عدن و مأرب يكشف وضع الرئيس هادي الذي لم يعد له من الامر شيء علي الارض، ما سيدفعه للتمسك بقيادة المؤتمر و وراثة صالح في قيادته، و لن يكون للمؤتمر أي قوة اذا لم يمتلك مشروع مغاير لمشروع تبرير الحرب التي يشنها التحالف على اليمن  لأن الاصلاح يقوم بالمهمة منذ بداية العدوان و يمتلك من الامكانيات و المقومات مايجعل أي تحرك للمؤتمر في هذا الاتجاه ليس له أي أهمية تذكر.

و المشروع الوحيد الذي يستطيع من خلاله المؤتمر ان يحافظ على شعبيته هو الحل السياسي و الدعوة للسلام و ايقاف الحرب، و هو الخيار الوحيد القادر على ملئ الفراع الذي احدثه اختلال موازين القوى لصالح العسكر في صنعاء و عدن و مأرب و القادر ان يعيد هادي و المؤتمر إلى الواجهة.

و بامكان هادي عبر المؤتمر وبقية القوى السياسية الاخري الاشتغال على الحل السياسي باعتباره المخرج الامثل للازمة، خاصة بعد ان اثبت الحل العسكري فشله وعجزه  طوال ما يقارب ثلاث سنوات.
- رابط نشر المقابلة بموقع يمنات
http://www.yemenat.net/2018/01/314614