(حصن عفار)
" قسوة الطبيعة وعزيمة الانسان "
بقلم الاستاذ/ عادل شلي
ـ يعتبر حصن عفار بمديرية كحلان عفار محافظة حجة من اجمل واعظم الحصون بمحافظة ان لم يكن على مستوى اليمن.
ـ وقد تفرد على كل الحصون بعظمته وشدة تحصينه
فاذا قلت انه لاند له ولا شبيه فلا اغالي.
فهو مكون من عدد من الحصون انتظمت على جيد جبل العرقة او ماكان يطلق عليه اسم ميتك قديما وعفار منذ القرون المتأخرة الى الان.
ـ يمتد جبل عفار من الجنوب الى الشمال.
ويصعد اليه من مغربة عفار من اعلى طريق قطابه ومن خلف جدار المدرسة المبنية في مغربة عفار.
واول مايقابلك اثناء الصعود هو ماتبقى من احجار سور الحصن واحجار ضخمة رصت بشكل دائري هي ماتبقى من اساسات نوب الحراسة المتوزعة في اماكن تم اختيارها بعناية على طول جدار الحصن الامامي الذي يحيط به من جهة الجنوب والغرب وتتجه شمالا.
وتصعد للحصن من درجات معلقة على سور الحصن الثاني فتصعد عبرها الي الاعلى لتجد نفسك علي حامية جامع الحصن والذي شيدت اساساته باحجار مصقولة بعناية فائقة رغم كبر حجمها.
والى الجنوب منها بركة كبيرة في غاية الجمال والروعة .
فتصعد الى باب الجامع الكبير الذي تنتصب دعاماته المصقول في اربعة صفوف وفي كل صف اربع دعامات ليكون مجموعها 16 دعامة تسند العقود الحجرية الذي تحمل خشب سقف الجامع.
وتحيط بقبلته ايات قرانية وله باب جنوبي وسدت بقية ابوابه ونوافذه بالاحجار ويرتفع سقفه بحوالي اربعة امتار.
ـ اما البركة التي تقع الى الجنوب من الجامع فهي اية في الحسن والجمال حيث يزيد حجم مدمك البناء الخارجي للبركة عن مترين وينزل اليها عبر مدرج يهبط باتجاه الجنوب بجواره مطاهير مستوره ولاتوجد لها فتحات باتجاه البركة ومساحة البركة حوالي 12متر في 16 متر وارتفاعها حوالي 5 متر.
ويشكل جدارها الخارجي وجدار حامية الجامع السور الداخلي للحصن.
والى الشرق من البركة والجامع تتوزع البيوت التي لازال بعضها قائما ويسكنها عدد من اهالي المنطقة واالكثير من المباني المهدمة التي لم يتبقي منها الا اساساتها ويستخدمها الاهالي كمكب لمخلفات ابقارهم ومواشيهم.
وبجوار الجامع للاعلى بقايا قضاض يدل على انه كان هناك سقايا وبرك صغيره.
ويقع الى الاعلي من الجامع الكبير جامعين صغيرين احدهما مساحته حوالي 7 متر × 4 متر تقريبا والاخر اصغر منه يقع الى جواره من جهة الغرب وعلى بابه الجنوبي تم بناء جدار سميك ولولا ان قبلته البارزة للخارج لما فطن العابر لوجوده.
واما الجامع المفتوح وتقع قبلته الى جوار قبلة الجامع المغلق فيزين سقفه اخشاب منجورة بعناية فائقة ويوجد باعلاه لوح مكتوب عليه تاريخ الانتهاء من بنائه بيوم الاحد شهر. لسنة احدى عشر لتسع مائة من هجرة النبي صلوات الله عليه واله
وفي لوح اخر السملة واية لمسجد اسس على التقوى .... واللوح الثالث لم نتمكن من قرائته.
ـ وصعدنا للاعلى باتجاه الشمال حيث قابلنا جبل عالي باعلاه اسوار الحصن الثاني والذي اتجهنا شمالا من اسفل المنحدر عبر طريق غير معبده تقع باسفل المنحدر الصخري الذي يقع عليه جدار سور مدخل الحصن وصعدنا للاعلى لنجد امامنا صخرتان تسدان الطريق خلفهما انهيار صخري من الجبل الصخري الذي شيد باعلاه جدار السور الحامي للحصن الثاني.
وتمكنا من المرور من تحت الصخرتين ونحن منحنيين لنجد امامنا طريق مرصوف باحجار مصقوله لنصعد منها ونعبر جدار سور الحصن الذي شيدت اساسته باحجار كبيرة ولازالت احجار اساسات نوبه الكبيرة والدائرية شاهدة على عظمة من شيدوها
ووجدنا امامنا تحت المنحدر الصخري جدار فيه فتحات يشبه الحود فاخبرنا احد الاهالي انه سجن.
ووجدنا امامنا طريق يؤدي الى الجهة الشمالية من الجبل حيث اسوار ومباني الحصون الشمالية ودرج يصعد جنوبا رصت احجاره بعناية فائقة وباعلاه النوب الداخلية والخارجية لبوابة الحصن فعبرنا منها جنوبا لنجد انفسنا امام ساحة صغيره الى الغرب منها احجار واساسات المباني الغربية المهدمة وللشرق منها بركة جميلة لها ذات الشكل نصف الدائري ومدرج يهبط للاسفل من الجنوب الشرقي وحمامات مستورة باعلاها عقود مقوسة تم تغطية سقفها بالقضاض.
وبجوارها باتجاه الشرق جامع مساحته حوالي 6×6 متر له باب غربي وجنوبه ساحة يطل من يقف بحافتها على مباني الحصن الاول الذي تحدثنا عن ابرز مكوناته ليتضح لنا من الاعلى كثرة مبانيه.
والى الشمال من البركة والمسجد جدار مرتفع شيد على صخور الجبل التي تتجه للاعلى ليفصل بين هذا الحصن والحصن الذي يقع باعلى قمة الجبل ويتم الصعود اليه عبر درج رصت احجاره المصقولة بعناية فائقة تشي اهمية ومكانة سكان اعلى حصون موتك.
وقبل ان نصعد اليه نعرج الى الجامع الذي هالنا ما تعرض له من الهدم والتخريب والحفر العشوائي في ارضيته وجدرانه بشكل موجع.
ـ صعدنا درجات الدرج المتجه شمالا نحو اعلى الحصون واكثرها منعة والمسمى بتاج العروس وكلما ارتفعنا للاعلى وجدنا زيادة بديعة وفنا لايضاهى في صقل الاحجار وامام البوابة التي لم يتبقى الا اساساتها ومرادمها الصقيلة البديعة وجدنا انفسنا في ساحة مفتوحة ارتصت اساسات الدور المخربة على جانبيها وبوسط كل دار كوم الاحجار المنهارة والى الجنوب من اساسات الدور الغربية بركة صغيرة امتدت معاول العبث والبحث عن الاوهام الى جدرانها بالحفر والتشوية وحفر ارضية الغرفة الشمالية المحاذية للبركة والقاء عدد كبير من احجارها الى البركة ووجدنا حفر وعبث بارضية الغرفة التي تقع الى الشمال من البركة.
وفي الساحة يوجد العديد من فتحات مدافن الحبوب التي نالها من الحفر والعبث الكثير والى الامام باتجاه الشمال حيث تقع قمة الجبل شييدة درة الحصون وجدنا اثار القضاض الدال على وجود بركة دائرية.
ـ صعدنا للاعلى ووجدنا اثار العبث وانها لم تسلم من ايادي العابثين.
والى الشمال منها هاوية تفصل قمة الجبل الذي شيد عليه حصن تاج العروس ومبانيه شاهدنا ماتبقى من اثار البناء الذي كان باعلاه فستغربنا في دهشة عن الطريقة التي وصلت بها الاحجار الى تلك القمة الشاهقة قبل ان نسئل عن العبقري الذي بناها.
وعلى الجانب الغربي من قمة الجبل شيدت برك مستطيلة غاية في الجمال والروعة بشكل مستطيل لتوفر لمن بحصن تاج العروس مايحتاجون اليه من المياه.
وتسائلت عن اثار القضاض والبركة ومصدر المياه التي تغذيها ووجدت الاجابة بانها ربما كانت تاتيها المياه من سطوح الدور التي كانت مشيده على جانبي الساحة وشمالها وتغذي بقية البرك ووجدت في الكمية الهائلة من الاحجار المنهارة مايعزز ذلك.
ـ نزلنا من قمة حصن تاج العروس لنتجه للحصون الشمالية وقابلنا ماتبقى من الاحجار الضخمة والسور والنوب لندخل من المكان الذي يشي بأنه كان بوابة فيما مضى لنجد انفسنا امام ساحة جنوبية واسعة و جامع كبير تقع للشمال منه بركة للماء والى الغرب منه بركة واسعة شبه دائرية لها مدرج بديع وحمامات مستورة ولها جدار عدني يتجاوز سمك مدمكه حوالي 5 متر.
وتعتبر من اجمل واكبر البرك التي شاهدناها في الحصون وامامها من جهة الشمال الغربي بناء مخفي يظهر منه عقد بديع لاندري اين بوابته وما استخداماته والمساحة بين البرك والجامع مليئة بالقبور من مختلف العصور والديانات.
ووجدنا معاول الهدم والعبث قد امتدت بشكل كبير الى ارضية وجدران الجامع وابرز مايميز الجامع هو كبر حجمه ووجود بناء مرتفع بوسط سقفه بشكل مربع مما يشي بانه كان باعلاه قبه تقادم عليها الدهر فبليت وتهدمت وعجز من خلفهم عن اعادتها الى ماكانت عليه
والهيكل الضخم للجامع والقبة التي تعلوه يشير الى انها بنيت في عهد الاتراك او انها اخر ماتبقى من الاثار الحميرية القديمة ويعزز ذلك ان قبلة الجامع تم اضافتها من الخارج اضافة الى القبور التي تشير الموجودة بجوار الجامع وبعضها يعود لديانات قديمة.
ونمط البناء في الجامع الكبير في الجهة الشمالية يشبه الى حد كبير نمط البناء التركي هو وبقية الجوامع في الجهة الجنوبية.
وبقاء هذه المباني بهيئتها وعدم هدمها يعزز لدي فرضية ان اخر سلسلة الهدم والتخريب الذي تعرضت لها حصون عفار كان على يد الاتراك الذين تركوا مبانيهم لمتمثلة في المساجد لثقتهم بأن اليمنيون يحترمون دور العبادة ولن يتعرضوا لها بسوء.
وباعلى التبة الشمالية توجد مباني الحصن الذي يطل على الساحة من جهة الشمال والذي وجدنا فيه اساسات للعديد من المباني التي كانت تستخدم للسكن ولخزن الحبوب وحجم احد المرادم التي تعلوا ابواب البيوت تجاوز عرضه المتر وطوله حوالي 180 سم مما يظهر قوة المباني وعظمتها ووجدنا بناء مرتفع من الارض وكله مغطى بالقضاض ويوجد بسقفه العديد من الفتحات التي تشبه فتحات مدافن الحبوب وباسفلها العقود التي تحمل السقف وربما يكون مخصص للمياه المخصصة للشرب والتي كانت تصب اليه من سطوح المباني الضخمة بجنوب الحصن وربما يكون شونة بداخلها مدافن ظاهرة لخزن الحبوب.
وللحصن سور قوي يحيط به من كل الجهات وباطرافه الشرقية والغربية نوبتان لازالت احجار النوبة الغربية ظاهرة.
وله مدرج من اقصى الشرق يهبط باتجاه الغرب الى ساحة السد الواسعة والتي لازالت اثار المباني بجهتها الشرقية ومساحة السد حوالي 70 متر×20 وينحدر من الشرق للغرب بانحدار الساحة ومقسم الى ثلاثة اقسام واخبرني احد الاهالي انه كان مقسوم الى قسمين والقسم الثالث تم استحداثه وتصب المياه اليه من جهة الساحة ويقع مصب دخول المياه من وسط السد ومخرجه اذا فاضت المياه في اقصى الشمال الشرقي.
وهناك بناء في اقصى شرق السد اخبرنا احد الاهالي انه كان عبارة عن نوبة حراسة للسد.
وبطرف السد من جهة الجنوب مبنى صغير اخبرنا احد الاهالي انه كان خزان مخصص لمياه الشرب.
ويفترض ان تكون بوابة السد بينه وبين النوبة.
وجنوب غرب السد يقع مبنى الجامع والى الشرق منه باتجاه الشمال تقع عدد من فتحات التهوية التي تشبه فتحات مخازن الحبوب والتي ربما كانت تستخدم لتصريف المياه الفائضة من السد بينما اخبرنا احد ابناء المنطقة انها كانت تستخدم كسراديب تمتد من الحصن الذي يقع بالقمة الجنوبية وتتجه نزولا الى خارج الحصن من جهة الشمال وان تلك الفتحات لتهوية الانفاق والسراديب ..
ويصل ارتفاع شبكة الانفاق والسراديب الى قامة حسب وصف احد الاهالي.
ـ ويقع الى الشمال من السد اثار العديد من المباني ويقع جدار سور الحصن الشمالي الى الغرب من السد.
* ومماسبق يتضح لنا الاتي:
ـ اننا امام حصن نادر وفريد وقل ان يكون له شبيه في الحصون.
فحصن مبتك او عفار او العرقة مكون من العديد من الحصون واذا سقط اي من حصونه انتقل سكانه الي حصن اخر مما يبرز اهميته وصعوبة سقوطه.
وان اي حصن منه قد يسقط لن يؤثر على سكانه وسهولة انتقال سكانه الى الحصن الذي يليه والتصدي للغزاة وطردهم من الحصن الذي قاموا باسقاطه من خلال شبكة السراديب والانفاق التي يمكنهم التسلل عبرها ومفاجأة الغزاة من حيث لايعلمون الامر الذي جعل من مهمة سقوطه والسيطرة عليه من اي قوة دخيلة شه مستحيل.
ـ وبسبب منعة الحصن وتحصينه استعصى اسقاطه على اي غازي مهما كانت قوته واي جزء منه يسقط منه تكون كلفت اسقاطه صعبة جدا وعدد الضحايا والخسائر باهضة.
واستحالة السيطرة عليه لفترة طويله وذلك
لسهولة استعادته من قبل اصحابه مما يجعل حجم الخسائر التي مني بها الغزاة لاسقاطه تذهب سدى.
الامر الذي جعل من مهمة اسقاطه والسيطرة عليه شبه مستحيلة والتفكير فيها ضرب من الجنون.
وامام هذا التحدي الصعب لم يعد لدى الطامعين لبسط نفوذهم على المنطقة سوى اسقاط اي حصن من حصونه وخرابه وتدميره وذلك لاستحالة السيطرة عليه.
ولهذا لم يتعرض للخراب والدمار حصن من حصون اليمن لما تعرضت له حصون هذا الحصن المنيع.
ـ الامر الذي يوضح لنا سبب وجود الاحجار الضخمة الباقية في اساسات المباني وصغر حجمها كلما ارتفع البناء
وذلك ان عملية الهدم تصل الى حد اساسات المباني.
وعندما يشعر من قاموا بخرابه باهميته الاستراتيجية حتى يشرعون في اعادة بنائه ليستفيدوا من مزاياه لترسيخ سلطتاتهم فيقومون باعادة البناء بشكل افضل مما كان عليه من السابق لان اي تقصير في اعادته عما كان عليه في السابق وافضل يعكس عنهم وعن قوتهم صورة سلبيه وهذا يوضح لنا سبب الابداع والعناية الفائقة بتقليم. احجاره.
ـ تعاقبت على الحصن واجزائه الكثير من الخبرات والدول والتجارب حتى صار بهذا النمط النادر والمزايا الفريدة.
ـ بقاء المساجد ودور العبادة واحترامها يمثل عرف يمني اصيل يحترمه اليمنيون في كل صراعاتهم وهذا سر بقاء المساجد في كل اجزاء الحصن وعدم هدمها كبقية المباني.
ـ.لازالت الاثار الحميرية في اجزاء من الحصن مثل اساسات الاسوار وجدار السد والجدران الخارجية للبرك المستطيلة بغرب حصن تاج العروس.
ـ النمط المعماري الفريد لبرك المياه بالحصن يمثل ظاهر تستوجب دراستها من قبل المختصين.
ـ العدد الكبير للبرك وخزانات المياه والسد يستوجب من السلطة المحلية اصلاحها وترميمها واستثمار قيمة المياه في اصلاح مباني الحصن والحفاظ عليه وتكليف اكثر من حارس للحصن وضبط معاول الهدم والتخريب.
ـ اتمنى ان اكون قد وفقت في رسم صورة واضحة عن مكونات حصن عفار المنيع .
ـ رفاق رحلتنا لزيارة حصن عفار :
الدكتور النبيل / نبيل عبدالله القدمي
والاعلامي المتألق / وليد الحضرمي
وعميد المفسبكين الاستاذ لطف الشرفي
والاعلامي المبدع / راجح عادل
بتاريخ 21يوليو 2022م