الثلاثاء، 17 فبراير 2015

الغيرة

الغيرة
            .................عادل شلي

جاءت امرأة تشكوا الى حكيم  شدة  محبتها لزوجها وغيرتها عليه.
فقال لها الحكيم :
ـ  اذا منحك الله كنزاً  ثميناً لا يقدر بثمن ـ لفرادة جواهره وندرتها ـ فماذا انت صانعة به ..؟
 المرأة :
ـ لابد أن احافظ عليه .
 الحكيم :
ـ وكذلك الغيرة  تدفع صاحبها ليوكل مهمة الحفاظ على كنزه الثمين الى من لا يجيد الحفاظ عليه .
اسمعت بقصة الام الذي ذهبت تبحث عن زوجها واوكلت مهمة حماية ابنائها الصغار لاحد شباب الحي الذي تقطنه  وهي لا تعلم أنه مصاب بلوثة من الجنون الا عندما  وصلت الى نصف الطريق الذي الى الحقل الذي يعمل فيه زوجها فلقيت احدى قريباتها التي بادرتها عن السؤال عن صغارها فأخبرتها انها تركتهم لدى خالد ابن الجيران فتفاجئت قريبتها واخبرها انه  لايعقل ان تتركهم لدى شاب مجنون فتبدل امن الام الى  خوف على اولادها ، وتحول من اوكلت اليه  مهمة حمايتهم الى مصدر للخوف والفزع وعربدت المخاوف لديها .... وخطوة تدفعها للأمام وخطوة للخلف حتى يوصلها الشك الى المرحلة التي تفقد الثقة في   نفسها ، فلاهي التي حمت اولادها ولاهي التي حافظت زوجها وعقلها .
هذه هي الغيرة هاوية من الشك والحيرة التي لا قرار لها والعجز المدمر اردف الحكيم ونظر الى المرأة وقال
ـ اسمعت بقصة الرجل الذي ذهب ليتداوى لمرض بعينيه عند شيخ اعمى .
المرأة  :
ـ لا
الحكيم  :
ـ يحكى ان حطاباً اصيب بشظية وهو يقطع اوتاد الحطب  فأصابت  جفن عينه اليسرى فالمته واغرورقت عينه بالدمع و الدم الذي سال من الجفن  فحجب العين  عن الرؤية فأظلمت امامه الدنيا فألقى بفأسه ونزل من الجبل الذي يحتطب منه ليبحث عن من يداوي وجع عينه .
فلقي اول شاب صادفه وكان احمق وكثير المزاح   وهو لا يدري.
 فسئله الحطاب :
ـ عن طبيب يستطيع مداواة عينه التي اصيبت بالعمى فاخبره الاحمق بأن هناك بأطراف القرية حكيم لا يستعصي عليه مداواة أي داء .
فاتجه الرجل من فوره الى اطراف القرية التي اشار بها عليه ، وما ان وصل الى الطريق الذي يفضي الى البيت الوحيد المهدم بأطراف القرية حتى قابل رجلاً فسئله الحطاب :
ـ اين اجد الطبيب الذي لا يستعصي عليه داء ..؟
فستغرب الرجل وقال :
ـ لقد مات منذ سنين وخلف ابناً مصاب بالعمى ومهووس بعلاج المبصرين ولم يشفى على يديه احد .
فقال الحطاب ولكن شاباً اخبرني بأنه لا يستعصي عليه داء .
فرد الرجل :
ـ ربما هو شاب احمق  لا يقدر عواقب الامور ، ولو كانت تلك صفة ابن طبيبنا لما عجز عن مداواة عينيه وابتلي بالعمى وهو يقدر على مداواة كل داء .
ـ فحتار الرجل ايهما يصدق ...!! الرجل الذي يحدثه بصوت الخبير الواثق مما يقول  وينصرف عن الطبيب المزعوم  وتهن عليه عينه التي تؤلمه ، او يصدق الشاب  الاحمق خوفاً على فقدان عينه .
 وهكذا هي الغيرة شك وحيرة  وعجز وفقدان للذات والاخر اجارنا الله واياك منها .
ـ ونظرت اليه المرأة :
ـ وما دوائها ..؟
فرد الحكيم :
ـ حسن التوكل على الله والثقة فيه ، والحفاظ على النعمة بالشكر وعقلها بعقال الرشد ، والبعد عن السفه وسوء الظن .
                            ..............................
 ضـوء القـمـر 
للفنان البولندي إيغـور ميتـوراج، 1986 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق