الأحد، 2 يناير 2022

(حيود الصياني عزلة قدم مدينة حجة)



 "رحلة الى حيود الصياني "

          بقلم / عادل شلي

ـ بدأت الرحلة صباح يوم الخميس 30ديسمبر 2021م عبر الاتصال برفيق الرحلة الشاعر والكاتب العزيز/ محمد علي عناش الذي استاجرنا باص ليقلنا الى منطقة قدم حجة احد عزل مدينة حجة وتواصلت بالاستاذ العزيز/ فهد القدمي مدير عام السياحة الذي طلبت منه ان يكون مرشدا لرحلتنا فتفضل بالقبول.

ـ وحيود الصياني تقع في الجهة الشمالية من الحافة الجبلية - لمنطقة قدم والمنظر احدى ضواحي مدينة حجة ـ  والمطلة على وادي عين علي.

ـ والحيود هي الجبال والمرتفعات الشاهقة ذات االمسالك الوعرة والصعبة.

ـ والصياني هي الفناجين الخاصة بالقهوة. 

ـ. التقينا بالاستاذ فهد القدمي في قدم فصعد معنا في الباص الى محل المنظر الذي يقع الى الشمال الغربي من عزلة قدم ومنه توجهنا سيرا على الاقدام غربا للاسفل ثم اتجهنا شمالا من تحت محل المنظر ببيوته البديعة والرائعة وعبرنا طريق قديم مرصوف بعناية اخبرنا مرشدنا انه كان الطريق الاصلي للنزول الى العين ثم سرنا على حافة الكتلة الصخرية التي يقع تحتها محل المنظر ووجدنا هناك اثار تساقط للاحجار وقطع التين الشوكي بفعل فاعل ..

ـ نزلنا للاسفل فبدت واضحة قرية العين والواح الطاقة الشمسية التابعة لمؤسسة المياه والطريق الاسفلتي فتجهنا شرقا وبدى تحت مسار رحلتنا مكان واسع يصلح استراحة وذلك لجمال المنظر الذي يطل منه علي ماحوله فاخبرنا مرشدنا بانه كان موقع عسكري تواجد فيه المصريون في بداية الثورة للحيلولة دون دخول الملكيين منه الي حجة.

ولهذا اوصي بأن يتم حجز هذا المكان ليكون احد المتنزهات التي سيستمتع من يزوره بجمال المناظر الخلابة

اتجهنا شرقا وسلكنا الحافة التي اسفل الكتلة الجبلية والتي سويت بطريقة مستوية وكانه تم نحتها في الصخر بالات ضخمة يستحيل توفرها في العصور الغابرة.

ـ وعبرنا من تحت الكتلة الصخرية المنفصلة عن الجبل وتسمى صخرة العصفرة وسئلت دليل رحلتنا عن سبب التسمية فافاد بانه لايصعد اليها الا العصافير خوفا من سقوطها في اي لحظة.

وحدثنا انه سمع من كبار السن انهم قالوا بأن اهالي القرية التي تقع فوق طريق العين الاسفلتي والتي تقع بمحاذاة الصخرة كانوا يقدمون القرابين والاضاحي للصخرة كل عام حتى لاتسقط عليهم.

مما يشير الى ان انفصال الصخرة عن الجبل ليس بجديد وانما يعود الى فترة قديمة.

واغلب الظن ان هناك علاقة بين القرابين والاضاحي والصخرة كمكان مقدس مرتبط بديانة وثنية قديمة.

ولكن هذا لايعني اهمال الامر وغض الطرف عن الخطر الذي يتهدد سكان القرية التي تقع تحت الصخرة دون قرع ناقوس الخطر.

وادعوا قيادة السلطة المحلية للقيام بواجبها في الحفاظ علي حياة ابناء القرية التي تقع تحت صخرة العصفرة وتكليف فريق هندسي متخصص لدراسة الوضع وعمل اللازم.

ـ توجهنا بعد ذلك في طريق وعر حتى وصلنا الى حيود الصياني الغاية والقصد من رحلتنا.

ـ سمعت عن حيود الصياني عندما كنت صغيرا حكاية ظلت محفورة بذاكرتي مفادها :

ان اهل احد القرى بطروا بطرا لم يسبقهم اليه احد من قبل وانهم كانوا لايسمحوا للعروسة بالخروج من بيت اهلها الا ويضعون تحت اقدامها كعكة وشابوري وعندما تذكرت الحكاية وانا امام الحيد وسئلت الاستاذ فهد القدمي عن الشابوري فقال لي هل تعرف ماهو ...!

انه الشبر وهو المسافة السبابة والخنصر وهي ذات المسافة بين الكعكة والكعكة فادركت انه بحكم عمله كمدير للسياحة ودليل لكل من يقومون بزيارة المنطقة قد تكرر عليه السؤال كثيرا وبحث عن التفسير المناسب له.

اما الجدات فاخبرننا عندما كنا نسئلهن عن الشابوري انه نوع من الكعك المعجون بالسمن والمطلي بالعسل.

ـ والحكاية تظهر حالة الترف والبذخ والبطر الذي وصل اليه اهل ترك القرية التي بمجرد وصولهم الى ذلك المكان حتى مسخهم الله عزوجل الى احجار ليكونوا اية للناس تحذرهم من عواقب البطر والتعالي انعم الله وضرورة التعامل مع النعمة بقداسة واجلال ولهذا كانت الجدات تحذرنا من الدوس باقدامنا على فتات الخبز الامر الذي كان يجعلنا نحمل كسرة الخبز اذا وجدناها في طريقنا ونقبلها ونضعها بجيوبنا ونضعها في مكان مرتفع لاتصل اليه الاقدام.

ـ صعدنا بمحاذاة اللسان الصخري المؤدي الى الكهف الذي تدور الحكاية ان موكب العروسة استراحوا فيه.

ومررنا على الطريق الصخري الذي يتسع لمتر ونصف ووجدنا على حافته صخور كبيرة قد يصل طول الصخرة لحوالي متر وارتفاعها حوالي 60او 70سم لتكون بمثابة حاجز او اساس لسور مرتفع تهدم اغلبه ولم يتبقى منه الا اساساته المتينة ووكلما اقتربنا من الكهف حتي نجد احجار لمباني تهدمت وبقي جزء بسيط منها مما يشير الى ان المكان كان يستخدم للسكن الى عهد قريب.

دخلنا الكهف ووجدنا كتل من الكلس تدلت من جدرانه واعلاه باشكال مختلفة مما يعني اننا امام ظاهرة طبيعية تشكلت بسبب تشبع المنطقة بالمياه في فترة موغلة في القدم وبسبب تسرب المياه الى الكهف تشكلت هذه التكلسات التي تم العبث بالاشكال التي ابدعتها.

ـ وتسائلت عن المصدر الهائل للمياه الذي افضى الى كل هذه التكلسات التي وجدناها بحواف الجبل بامتداد واسع من اسفل الكتلة الجبلية بمحل المنظر حتى الحيود التي تقع تحت الريده في قدم بمسافة تتجاوز الف متر.

فافترضت انها ربما تشكلت بحيرة مائية قبل الاف السنين في الربوة التي تعلوا الحيود ولكن عندما صعدت للاعلى وشاهدت الربوة وجدت ان مساحتها لاتكفي لانتاج كل هذا الكم من التكلسات فاحلت تساؤلي للصديق العزيز الدكتور حسن سقيل المتخصص في التاريخ الطبيعي وعلم النبات الذي افاد بانها شعب مرجانية تشكلت عندما كان الماء يطمر المنطقة وعزز من هذا الافتراض الالسنة الصخرية التي كنا نمر عليها والتي لايمكن قصها الا بالات جبارة يستحيل توفرها في تلك الحقب مما يعزز انها بفعل الامواج التي كانت ترتطم بالجبال عندما كانت مياه البحر تغمر المنطقة.

وكلها افتراضات بحاجة الى دراسة وبحث علمي عبر فرق علمية متخصصة مزودة بكافة الاجهزة والمعدات التي تساعدها في كشف تاريخ المنطقة والاطوار التي مرت بها.

ـ عندما سئلنا عن القرية التي بطر سكانها الي حد ان يتعاملوا مع النعمة بتلك الطريقة التي اوجبت مسخهم.

اجاب مرشدنا بانها تقع في الجهة الشرقية ولم يتبق منها سوى خراب يدل على قوة من سكنوها.

ـ وافترضت انا ان التماثيل الصخرية التي تحكي الحكاية ان الله مسخ موكب العروسة على هيئتها هي من صنع البشر خاصة ان الكلس يمكن تشكيله بسهوله وانه تم نحتها عبر نحاتين محترفين من ابناء المنطقة الذين برعوا في تشكيل الكلس الى حد كبير ولكنها تهدمت في عصور لاحقة بعد ظهور الديانات التوحيدية.

ويعزز من هذه الفرضية وجود القرية المهدمة والتي وصلت من البذخ والغنى الي حد غير مسبوق والحكاية التي سمعناها عن القرابين التي كانت تقدم للصخرة المنفصلة والتي تشير الى ديانة وثنية اعتنقها ابناء المنطقة وكانت الصخرة اشبه بمكان مقدس تقدم فيه القرابين والاضاحي اما القرية التي تحت الصخرة فحديثة عهد ولم تكن موجودة في الحقبة التي ازدهرت فيها المنطقة وازدهرت حرفة صناعة التماثيل والاواني الفخارية التي تكفلت التكلسات الكثيرة الموجودة في الحيود بتوفير المادة الخام لها بكميات كبيرة.

ويعزز ذلك التفسير الذي اورده الدكتور حسن سقيل عن تسمية تلك الحيود بحيود الصياني والذي قال فيه :

ان الصياني نسبة الى الصوان والذي يتشكل من مادة الكلس  الذي تصنع منه الاواني الفخارية ومنها الصياني الخاصة بالقهوة .

ـ والمنطقة تحتاج الى دراسة علمية لكشف الكثير من الاسرار والخفايا التي تكتنفها.

ونحن من خلال هذا التقرير الخاص بالرحلة ندعوا الباحثين والمختصين الي زيارة المنطقة التي لاتبعد عن مدينة خجة خمسة كيلو متر.

ـ نختتم بزيارة حيود الصياني روزنامة رحلاتنا لهذا العام الذي وفقنا الله للقيام بالعديد من الرحلات فيه واسئل الله ان يسهل لنا الاسباب التي تعييننا على القيام بالعديد من الرحلات في العام الجديد لاستكشاف الكثير من المناطق في محافظة حجة.

ـ شكرا لرفاق الرحلة والشكر الجزيل لمتابعي صفحة مؤسسة حجة الثقافية التنموية الذي اتمنى ان نكون قد وفقنا من خلال تقرير هذه الرحلة وغيرها من الرحلات ان نجعلهم يشاطروننا بهجة الاكتشاف ومتعة استنطاق الصوامت.

وعام مجيد 

كل عام وانتم بخير


هناك تعليقان (2):

  1. التقرير ممتاز حيث شمل كافة الجوانب تاريخية كانت او لغوية او تعريفية اجتماعية وكذلك التوصيات التي تضمنه التقرير
    طبعآ هذا الى جانب الجانب المهم للزيارة وهو التعريف بالأثار وما تحتويه مناطقنا من ابداع في رسم التاريخ لهذه الأثار .
    اتمنى ان يتم عمل كتيب عن كافة الأثار ومسمياتها ومناطقها في محافظة حجة بجميع مديرياتها و يتم الترويج له بغرض الجذب السياحي الداخلي في وقتنا الحالي ثم السياحة الخارجية مستقبلآ بإذن الله

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا لمروركم العاطر وتعليقكم الندي

      حذف