الجمعة، 7 يناير 2022

(مر الرجل الصالح " الخضر" ...من قريتنا )

 (مر الرجل الصالح " الخضر"  ...من قريتنا )


 

      

        قصة قصيرة كتبها / عادل شلي


ـ كان المزارعون في القرية يتحدثون عن الخضر الذي مر من قريتهم التي تقع علي طريق رحلته التي يجوب فيها القرى والمدن في الارض المعمورة فيوزع بركاته لمن يستحقها  وينزعها عمن لايستحقها.

وكان احمد ـ الذي لم يتجاوز التاسعةـ  يستمع الى حديثهم عن الخضر الذي مر من القرية  وانه سيهب بركته للمحسنين وسينزعها عن المستأثرين الذين يمنعون الماعون وذكروا في حديثهم احد كبار المزارعين في القرية الذي قالوا بانه طرد الخضر و الفقراء الذين كانوا معه عندما مروا علي مزرعة ذلك المزارع الغني فنهرهم فذهبوا مكسورين الخاطر ...

كان احمد يفكر في حديثهم ويسئل نفسه عن هذا الرجل الفقير الذي منحه الله القدرة علي منح البركة لغيره ولماذا لم يمنحها لنفسه

عاد الى المنزل وذهب الي جدته ليسئلها عن الخضر الذي يتحدث الناس انه مر من  قريتهم ولماذا لم يمر على دارهم او تبلغه جدته بقدومه لكي يستضيفه ويكرمه لتحل البركة في بيتهم

قال الجدة انك لاتزال صغيرا , ونحن لانملك ارضا زراعية لنتصدق من غلتها علي الفقراء والسائلين .

فاصر احمد علي جدته بان تبحث عن شيئ ما يتصدق به علي الخضر  واصحابه الذين يقول اهل القرية بأن فلان نهرهم من باب مزرعته ولم يعطيهم شيئ..

فكرت الجدة مليا وقامت الي زوة تقع في طرف الغرفة الصغيرة التي يسكنونها وتناولت صرة فيها عدد من الاقراص واخذت منها 4 اقراص وجائت بهم الي احمد

وقالت له اذهب الى بيت الولي  الذي يقع ادنى القرية القرية ووزعها على الفقراء الذي تجدهم هناك واعتذر منهم لاننا لانملك ارضا زراعية حتى نجود عليهم من غلتها بما يسعد قلوبهم واسرهم واننا لانملك سوى هذه الاقراص الصغيرة 

ذهب احمد الي بيت الولي في ادنى القرية ووجد اربعة من الفقراء هناك فسلم عليهم واعطاهم اقراص الخبز الاربعة واعتذر منهم كما اخبرته جدته.

ولكن الفضول دفعه للسؤال عن الخضر وهل هو بينهم لانه سمع اهل القرية يتحدثون عنه.

فقالوا له نحن فقراء على باب الله ولو كان الخضر بيننا لرق لحالنا وباركنا وتغيرت احوالنا.

فقال لهم الصغير ولماذا لاتبحثون عن الخضر وتطلبون منه ان يبارك لكم في ارزاقكم بدلا من ان يستأثر به ملاك المزارع ...

نظر الفقراء الى بعضهم البعض مستحسنين فكرته في البحث عن الخضر.

فاخبرهم ان يبلغوه السلام ويخبروه ان الطفل احمد يدعوك لتكون ضيفا في بيته وسيكرمك , اذا بخل الاغنياء والموسرين

 فهزوا رؤسهم بالايجاب.

مؤكدين بانهم سيفعلون.

غادرهم احمد وعاد الي منزله واخبر جدته بما دار بينه وبين الفقراء الاربعة.

ـ وسئل جدته عن الخضر وحياته وسر قدراته ولماذا لم يستقر في مكان ويباركه ويتكفل هو بالاحسان للفقراء والمساكين.

فاخبرته جدته بقصة العبد الصالح الذي كافأه الله نظير ايمانه واعماله الصالحة بان سهل له الوصول الى العين المحجوبة عن العيون والتي من شرب من مائها كتب له الخلود وقد شرب الخضر منها ولانه لايخاف من الفقر والحاجة ومخاوف الناس العاديين فقد كرس حياته ليجوب الارض ليبارك المحسنين ويساعد المتسائلين في الوصول الاجوبة التي ينشدونها في كل العصور.

 انه يابني الرجل الصالح الذي يوزع البركة بامر الله على المحسنين وينزعها من ...

غفا احمد وجدته تحدثه عن الخضر وحلم بانه التقى بالخضر وكان عليه عبائة خضراء وثوب اخضر جميل ويمتطي بغلة ولكن راسه مكشوف وولايوجد عليه مايقيه حرارة الشمس  فاعطاه احمد ظلته المصنوعة من سعف النخيل لتقيه حر الشمس.

فشكره الخضر ووعده بأنه سيمر عليه بعد عسرين عاما ليعيد اليه ظلته ...

ـ تراك احمد القرية وذهب للمدينة ليواصل تعليمه الثانوي والجامعي واشتغل بعد تخرجه من الجامعة في مجال التجارة ونجح نجاحا باهرا واصبح من كبار التجار الذي ياتيه الفقراء والمحتاجين من كل مكان.

وفي احد الاعوام ذهب الى مكه للحج وبينما هو يطوف حول البيت طلب منه رجل ان يمسك بيده كي لايسقط بين الزحام فاسنده احمد ونزع الرجل  الظلة التي تغطي راسه ليمسح العرق الذي يتصبب من جبينه فتناولها احمد بيده,  وتزاحم الحجاج وتدافعوا وافلت الرجل الذي يسنده واخذ يبحث بعينيه عنه ولكن ولم يجد له اي اثر.

ووجد ان ظلة الرجل لازالت بيده الظلة فاخذها معه الي خيمته وهو يسئل نفسه كيف يستطيع ان يعيدها الى صاحبها ..واستلقى على جبينه ومن الارهاق اخذته سنة من النعاس وراى فيما يرى الواقف بين النوم واليقضة السيد الخضر وهو يسلم عليه بحفاوة ويبارك له ماحققه من النجاحات ويشيد باحسانه ويذكره بانه وعده بإن يقابله بعد عشرين عام ليرد اليه كوفيته وهاهو قد وفى بوعده اليوم وودعه بذات الابتسامة التي شاهدها عندما حلم به قبل عشرين عاما 

فاستيقظ ونظر الى الظله التي لازال ممسكا بها بانامله وحدق فيها مليا ووجد انها ظلته القديمة التي لم يجدها في اليوم التالي الذي حلم في الليل بانه اعطاها للخضر وعندما سئل جدته عنها قالت له انها اعطتها لاحد الفقراء.

فتبسم وقال عليك السلام  ايها الرجل الصالح السلام ياصادق الوعد ..وسر البركة ونبع النماء.

               ***

هناك تعليقان (2):

  1. صباح البهجة
    سرد متماسك ينقلنا إلى أجواء إجتماعية بها من التشويق الجميل
    والمعاني العميقة
    بوركت من كاتب جميل
    أرجو المزيد من هذا التحليق الجميل

    ردحذف
    الردود
    1. صباح النور والسرور
      وشكرا لمرورك البهي وتعليقك المورق النقي
      ودمت متوهجا ياسيد السرد وعنوان الرواية الابرز في بلد الحكمة والايمان.

      حذف